للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الآية قاطعة في أن المبشر به هو الذبيح، وقوله: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: ٧١] الآية.

فقد صرَّح فيها أن المُبشَّر به إسحاق، ولم يكن من سؤال إبراهيم، بل قالت امرأته إنها عجوز وإنه شيخ، وكان ذلك في الشام لما جاءت الملائكة إليه بسبب قوم لوط، وهو في أواخر أمره، وأما البشارة الأولى لما انتقل من العراق إلى الشام حين كان سِنُّه لا يتغرب فيه الواد، ولذلك سأله فعلمنا بذلك أنهما بشارتان في وقتين بغلامين أحدهما بغير سؤال وهو إسحاق صريحاً، والثانية قبل ذلك بسؤال وهو غيره، فقطعنا بأنه إسماعيل وهو الذبيح). (١)

ويؤيد ذلك أنه ذكر هِبته وهبة يعقوب لإبراهيم في قوله تعالى {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ} وقوله: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} ولم يذكر الله الذبيح. (٢)

ويؤيد هذه الدلالة من الآية البشارة الثانية التي في سورة هود؛ لأن رسل الله من الملائكة بشرتها بإسحاق، وأن إسحاق يلد يعقوب، فكيف يُعقل أن يؤمر إبراهيم بذبحه، وهو صغير، وهو عنده علم يقين بأنه يعيش حتى يلد يعقوب.

فهذه الآية أيضا دليل واضح، فلا ينبغي للمنصف الخلاف فيه بعد دلالة هذه الأدلة القرآنية على ذلك (٣)، والعلم عند الله تعالى.


(١) الإكليل في استنباط التنزيل (١/ ٢١٨)، وينظر: القول الفصيح في تعيين الذبيح (١/ ٣١٨)
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (٤/ ٣٣٢)
(٣) ينظر: تفسير القرآن العظيم (٧/ ٣٥)، وأضواء البيان (٦/ ٣١٨)

<<  <   >  >>