للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجنّ الذين استمعوا له صلى الله عليه وسلم كانوا مشركين.

قال الله تعالى: {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: ٢].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} أي: لا نرجع إلى إبليس، ولا نطيعه، ولا نعود إلى ما كنا عليه من الإشراك، وهذا يدل على أنّ أولئك الجنّ كانوا مشركين). (١)

وجه الاستنباط:

نفيهم للشرك في المستقبل، يدل على تقدمه منهم.

الدراسة:

استنبط الخطيب - رحمه الله - من الآية دلالتها بالنصِّ على أنّ أولئك الجنّ الذين استمعوا للنبي صلى الله عليه وسلم كانوا مشركين؛ لأنهم قالوا: {وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} أي: صدَّقنا بأنه من عند الله ولن نشرك بربنا أحداً من خلقه، ولا نتخذ معه إلهاً آخر لأنه المتفرد بالربوبية، فلن نعود إلى ما كنا عليه من الإشراك به في طاعة الشيطان، فنفوا عن أنفسهم الشرك في المستقبل فدلَّ على أنهم كانوا مشركين.

وممن استنبط هذه الدلالة من معنى الآية: الرازي، وابن عاشور، وغيرهما. (٢)

قال ابن عاشور: (قولهم: {وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} أي ينتفي ذلك في المستقبل، وهذا يقتضي أنهم كانوا مشركين، ولذلك أكدوا نفي الإشراك بحرف التأبيد، فكما أكَّد


(١) السراج المنير (٤/ ٤٤٠).
(٢) ينظر: التفسير الكبير (٣٠/ ٦٦٦)، والتحرير والتنوير (٢٩/ ٢٢١).

<<  <   >  >>