"لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلُّوا علي، فإنَّ صلاتكم تبلُغني حيث كنتم"، وهذا إسناد حسنٌ رواته كلهم ثقات مشاهير":
قلت: كذا حَسَّنه المؤلِّف -رحمه اللَّه-، وهو كذلك أو أعلى -لما يأتي بيانه-.
وأمّا (الهدَّام) فوضع فيه ضعفًا، فقال -بعد أن عزاه لمصدرين آخرين-: "وفي إسناده عبد اللَّه بن نافع؛ وفيه ضعف"! ولم يَزِد! !
قلت: فيه تدليسٌ خبيثٌ، وتضليلٌ للقراء شديدٌ، وبيانه من الوجوه الآتية:
أوّلًا: في الرّواة بهذا الاسم (عبد اللَّه بن نافع) سبعةٌ، فيهم الثقة والصدوق والمجهول والضعيف، فعَمَّى أمرَه ولم يبيِّنه، لغايةٍ في (نفس يعقوب) معروفة! وهو هنا (الصائغ المخزومي -مولاهم- المدني).
ثانيًا: قال: "فيه ضعف"! فإنْ كان يَعْني ضعفًا لا يُنافي صِحَّةَ إسناده فضلًا عن حسنه -لأنَّ الحَسَن من طبيعته أن فيه ضعفًا- كما نبّهت عليه مرارًا-، أقول: إنْ كان يعني هذا، فهي معاكسةٌ مكشوفةٌ لتحسين المؤلِّف إياه، ولغيره من الحفّاظ المصحِّحين له -كما يأتي-، فكان الواجبُ عليه أن يوافقَهم ولو على التحسين فقط، ولكنْ. ..
وإن كان يعني ضعفًا ينافي التحسين على الأقل؛ فهو مبطلٌ مكابر؛ وهذا -منه- (شِنْشِنَةٌ نعرفها من أخْزَمَ)! فإنَّ المخزومي هذا لا يبلغ حالُه إلى الضعف المطلق -كما يتبيّن ذلك للباحث في ترجمته-، فلا أُطيل الكلام بذكر ما قيل فيه، وإنَّما أنقل كلمات بعض النّقاد الذين أحاطوا بأقوال الحفاظ المتقدمين فيه، ولخّصوها في جُمل قليلة:
فقال الذهبي في "الكاشف": "قال (خ): في حفظه شيء، وقال ابن معين: ثقة".