وهذا يعني بكل تأكيد أنَّه وَسَطٌ في حفظه، صدوقٌ في نفسه، فهو حسن الحديث، وهو اختيار المؤلف كما رأيت.
على أنَّ لابن نافع هذا حالةً أخرى هي خيرٌ مما تقدّم، كما أشار إلى ذلك بعضُ الأئمة:
فقال البخاري في "التاريخ الكبير"(٣/ ٢١٣/١): "يعرف حفظه وينكر، وكتابه أصَحُّ".
ونحوه قول أبي حاتم -فيما رواه ابنه عنه في "الجرح"(٥/ ١٨٤) -:
"ليس بالحافظ، هو لَيِّن؛ تعرف حفظه وتُنكر -وفي نسخة: يعرف حديثه وينكر-، وكتابه أصحُّ".
وأصرحُ من ذلك قول ابن حبان في "الثقات"(٨/ ٣٤٨):
"كان صحيحَ الكتاب؛ وإذا حدّث من حفظه ربّما أخطأ".
وقد لخّص الحافظُ كلَّ ما قيل في الرجل بكلمات قليلة نافعة؛ فقال:
"ثقةٌ، صحيحُ الكتابِ، في حِفظه لين".
من أجل ذلك أشار الذهبي في صدر ترجمته من "الميزان" إلى أنَّه: "صحيح الحديث"، وأنَّ مسلمًا احتجّ به.
وأورده في "معرفة الرواة المتكلَّم فيهم بما لا يوجب الرّد"(١٣٠/ ١٩٢).
فقد فَرَّق هؤلاء الحفاظ بين كتابه؛ فصَحَّحوه، وحفظِهِ؛ فليَّنوه بعض التَّلْيين؛ فتجاهل ذلك كلَّه (الهدَّامُ) بقوله: "فيه ضعف"! دون أن يُبَيِّن ما يعني به -كما سبق بيانه-، ودون أن يفرِّق بين كتابه وحفظه! ! وقد عرفتَ سبب عدم بيانه المشار إليه.