ولم تَدَعْهُ نفسُهُ الأمّارة بالسوء دون أن يُدَلِّس في حديث، فإِنَّه لم يسق منه إلَّا كلمتين، فقال:". . . خِلاس، عن أبي هريرة، والحسن، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "من أتى. . . " فذكره"، يعني اللفظ الذي ذكرتُهُ قبل أسطر! وإذا رجعتَ إلى الموضع الذي أشار إليه من "المسند" وَجَدْتَهُ مختصرًا مثل لفظ خِلاس المقرون مع محمد بن سيرين -الذي قدَّمتُه في صَدر هذا التحقيق-؛ فأعوذ باللَّه من شَرِّ التدليس والمُدَلِّسين، والكذب والكذّابين!
وقد وَقَعَتْ له عجائبُ أُخرى؛ من الآراء الفَجَّة والتعليلات الشخصية الباردة في تخريجه للطرق المذكورة، لا أرى من المهم بيانها، لأنَّ البحث سيطول بذلك جدًا، وبخاصّة أنني قدّمت الإسناد الصحيح لحديث الكتاب -الذي هو موضوعُ البحث- الذي تَعَمَّد (الهدَّام) كتمه والإعراض عنه -عامله اللَّه بما يستحقُّ! -.
وَحَسْبُ القراءَ أن يعلموا أنَّ الحديث من لفظ آخر -من طريق (الهُجَيمي) - قد صحّحه جمعٌ من الحفّاظ؛ كالضياء المقدسي، والحافظ العراقي، والدهبي، وما أعلّه به (الهدَّام) ليس بِعِلَّةٍ قادحة، ويشهد له طريق الحارث بن مُخَلَّدٍ.
ومن رام التفصيل فلْيرجع إلى "الإرواء"(٧/ ٦٨ - ٧٠)؛ الذي منه استقى (الهدَّام) عامّة طرقه وتخريجها، لقمةً سائغةً يأخذ منه ما يراه، ويَدَعُ ما يخالف هواه، كحديث ابن سيرين الذي يقضي على هواه ويجعله كالهباء، وكشاهده -حديث جابر المشار إليه هنا، والآتي تقويةُ إسناده من الحافظ قريبًا- إن شاء اللَّه -تعالى-.
ولِتتبيَّنَ -أيها القارئ الكريم- صِحَّةَ ما ذكرته آنفًا من استقائهِ تخريجَه