"والشواهد المذكورة لهذا الحديث لا تَصِحّ، انظر "مجمع الزوائد" (٥/ ١١٧ - ١١٨")!
فلو أنَّ الرجل كان على معرفةٍ بفنّ التخريج، وعلى علم بطرق التصحيح والتضعيف، وغيورًا على سُنَّة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تُضَعَّفَ بمجَرَّد الدَّعوى، لبادر إلى تخريج الشواهد التي أشار إليها تخريجًا علميًّا دقيقًا، ولم يقنع بإحالة القراء إلى "مجمع الزوائد"، بل وموهمًا إياهم أنَّ صاحب "المجمع" ضَعَّفها، وهو كذبٌ وزورٌ، بل هو -كما يقول البعض: - له قرونٌ! فإنَّ بعضها حجّة عليه؛ لأنَه وثَّق رجالها، وهذا -وإن كان لا يعني أنَّه صحَّح إسنادها- كما بيّنت ذلك مرارًا -، فهو -أيضًا- لا يعني ما أشار إليه من التضعيف، على أنَّه لما رجعت إلى أسانيد بعضها تبين لي صحتها، ممّا أكَّد لي تدليسه وكذبه.
والكلام عليها وتخريجها مما لا يَتَّسع له المجال الآن، ولا سيما وقد خَرَّجت أحدها تحت الحديث (٢٦٥٠) من "الصحيحة" المجلد السادس، وأشرت فيه إلى جناية (الهدَّام) عليه، فحسبي هنا -إذن- أن أسترعي النظرَ إلى أنَّ الحافظ المنذري في "الترغيب"(٤/ ٥٢ - ٥٣) قد جَوَّد أسانيد ثلاثة منها، هي: عن عِمْران بن حُصَين، وجابر بن عبد اللَّه، وابن مسعود، ونحا نحوه الحافظ العسقلاني.
ومن المفيد أن أسوق كلامه ليتأكد القراء -بل ليزدادوا تأكُّدًا- أنَّ (الهدَّام) ليس على شيء من العلم والتقوى! بل هو يهرف بما لا يعرف!
قال الحافظ في "الفتح"(١٠/ ٢١٧) -بعد أن ذكر تصحيحَ الحاكمِ لحديث ابن سيرين وأقرّه-، وسَيُؤكِّد ذلك في آخر كلامه-:
"وله شاهد من حديث جابر، وعِمران بن حُصين، أخرجهما البزار بسندين