وهذا الحديثُ لم يذكر أَحَدٌ -فيما علمتُ- بأنَّه حدَّث به من كتابهِ، فسقط التصويبُ القائمُ عليها.
الثالث: سَلَّمنا (بالأوثقيّة) المزعومة على إطلاقها، ولكنّ ذلك لا يعني أكثرَ من ترجيحِ روايته على رواية مَنْ هو دونه في (الأوثقيّة)؛ كأن يخالفه ابنُ جُريج -مثلًا-، والأمرُ ليس حصذلك هنا! فقد خالفه أيضًا عبدُ الوهّاب بن أبي بكر، وصالح بن كَيْسان، ورواياتهم مخرَّجة بالأسانيد الصحيحة عنهم في "الصحيحة" برقم (٥٤٥).
ثم وجدتُ لهم متابعًا رابعًا؛ هو أوثقُ منهم ومن يونُس جميعًا، ألا وهو (الزُّبَيدي: محمد بن الوليد): أخرج حديثَه النسائي في "السنن الكبرى"(٥/ ٣٥١/ ٩١٢٣): أخبرنا كَثِير بن عُبيد الحِمْصي، قال: ثنا محمد بن حرب، عنه، عن الزُّهري. . . به.
وقال الحافظ في (الزُّبيدي): "ثقة ثبت، من كبار أصحاب الزهري".
وفضّله الجُوزَجاني على يونُس؛ كما في "شرح العلل"(٣٤٠).
وَلعِلْمِ (الهدَّام) بهذا -واللَّه أعلم! - كابرَ -كعادته-، وأجاب عنه بجواب تضحك منه الثَّكلى؛ فقال (ص ٤٠٦ - "رياضه"):
"لم يتعيَّن القائلُ في رواية الزُّبيدي عند النسائي"!
وليتَ شِعري؛ هل يقولُ مثلَ هذا الكلامِ عاقلٌ يدري ما يخرج من رَأْسهِ؛ في حديث كهذا، صحَّ إسناده -كما تقدّم- إلى الزبيدي، وليس بينه وبين النسائي غيرُ ثقتين، كَثير بن عُبيد ومحمد بن حرب؟ !
نعم، قد يقولُ -هذا- المجادلُ بالباطل فيغمزُ من أحدهما، ويزعم أنَّه أخطأ على الزبيدي، ولكنّه لم يتعَيَّن!