فإن كان يريدُ هذا! ! فهو من أباطيلهِ الكثيرِة التي لا تحصي، والتي لا يعجزُ عنها أجهلُ الناس، وأشَدُّ الناس عِداءً للسنة، ولأنَّها مبنيّة {عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ}، ألا وهي تخطئةُ الثقات بغير حُجّةٍ أو قاعدةٍ علميةٍ.
ويا تُرى! ما الفرقُ بينه وبين ما لو عارضه معارضٌ مثله، فقال: أخطأ يونُس في إيقافه لهذا الحديث على الزهري، كما أخطأتَ أنت في تصويبك لوقفه، أو خَطّأك في كل تصحيحاتك وتحسيناتك، التي تُطلقها -دون بيانٍ-، مخالفًا أسلوب العلماء في تخريجاتهم وتضعيفاتهم؟ ! يَرِدُ ذلك عليه دون أيِّ بحثٍ أو تحقيق، اليس هذا هو الهَدْمَ للسنّة -الذي يقومُ به هذا (الهدَّام) -؟ !
وإنَّ من دعاويه الباطلةِ والكاذبةِ في تعليقه المشار إليه في "الرياض"؛ قولَه في الثقات الثلاثة الذين سبق ذكرُهُم -ابن جُريج، وعبد الوهّاب، وصالح-، قال:
"ليسوا بالأثبات في حديث الزُّهري -كما في "شرح علل الترمذي"-".
فأقولُ: هذا الكلام -على قلَّته- فيه كذبٌ وتدليسٌ:
أمّا الكذبُ؛ فقد ذكر الحافظُ ابنُ رَجَب في الشرح المذكور بحثًا علميًّا رائعًا، تحت عنوان:(أصحاب الزهري)، وطبقاتهم، ومراتبهم في الرّواية عنهم، تُساعد الباحثَ العالم على ترجيح رواية على أُخرى عند التعارض - (ص ٣٣٨ - ٣٤٤) -؛ جاوز عددُهم العشرةَ، ليس فيهم عبد الوهاب!
وأمّا التدليسُ، فهو أنَّه أوهم قُرّاءه أنَّ الحافظ ابن رجب نفى أن يكونَ صالحٌ من الأثبات، والواقع أنَّه لم يفعل ذلك، وإنَّما ذكر عن ابن مَعِين أنَّه قال:"مَعْمَرٌ أحبُّ إليَّ من صالح بن كَيْسان"؛ وهذا لا يعني -بأيِّ وجهٍ من الوجوه- ما نسبه إلى ابن رجب في "شرحه"! ألا تَرَى أنَّه ذكر (ص ٣٣٩) عن يحيى بن سَعِيد أنَّه قال: "ابن عُيَينة أحبُّ إلي في الزهري من مَعْمَر".