للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معاصر لصحابي، والمعاصر غير مُدَلس؟ (١) فما نسبه (الهدَّام) لأحمد في المثال (٥) هو من تدليسه وتضليله للقراء! لأنّه في المدلِّس! ومثل قول أحمد - المتقدم - قول أبي حاتم في (ابن سيرين): "ما أظنّهُ سمع من أبي الدرداء، ذاك بالشام وهذا بالبصرة" (٢).

ولم يكتف (الهدَّام) بهذه الأمثلة المضلِّلة التي لا علاقة لها بدعواه، بل ذكر أمثلَةً أخرى تدور على بعض التابعين المجهولين - كما في رقم (٦) -؛ فعبدُ الحميد بن سالم، عن أبي هريرة؛ فهذا مجهولٌ، - ومثله: (١٢) - وفيه عن بعضهم: "لا يعرف سماع سلامة الكِندي عن علي، والحديث مرسل".

قلت: فسلامة هذا مجهول، وله حديث ضعيفط خَرَّجته في "الضعيفة" تحت الحديث (٦٥٤٥).

ولم يقف عند هذا التضليل؛ بل ذكر في المثال (٣) عن الواقدي؛ قال: "عبد الرحمن بن صبيحة التميمي، لم يُذكر له سماع ولا صحبة".

والواقدي متروك متّهم؛ وليس من أئمَّة الجرح والتعديل، ولكن المضلِّل يتعلَّقُ - كالغريق - ولو بخيوط القمر، ولو كان الواقديُّ ثقةً ومن الأئمة؛ فهو كتلك الأمثلة المتقدمة؛ ليس لها علاقةٌ مطلقاً بموضوع اللقاء والمعاصرة، وإنَّما بـ (المراسيل).


(١) ثم رأيت الحافظ ابن رجب سبقني إلى هذا، فقِال في "شرح علل الترمذي" (١/ ٣٧٤) - بعد أن ذكر أَنَّه يلزم من شرط اللقاء طرح أكثر الأحاديث وترك الاحتجاج بها -: "من ههنا عَظُمَ ذلك على مسلم - رحمه الله -، والصواب أَنَّ ما لم يَرِدْ فيه السماع من الأسانيد لا يحكم باتصاله (! )، ويُحْتَجُّ به مع إمكان اللُّقِيِّ، كما يُحْتَجُّ بمرسل أكابر التابعين - كما نص عليه الإمام أحمد -، وقد سبق ذكر ذلك في (المرسل) ".
(٢) "مراسيل ابن أبي حاتم" (ص ١١٦)، و"العلائي" (٣٢٤/ ٦٨٣). وقوله: "ذاك ... " إلخ " هكذا وقع فيهما على القلب، والجادّة: "هذا ... وذاك ... ".

<<  <   >  >>