وبهذه المناسبةِ أقولُ -مذكِّرًا بتخريبِ هذا (الهدَّام) -: إنَّ رقم هذا الحديث في "رياض الصالحين"(١٣٥٩) -الأصل-؛ فليتأمّل القراء الكرام الفرقَ الشاسعَ بين "رياضه"، و"رياض الصالحين"!
ثم إنَّ حديثَ -"الحرب خدعة"- ذكره ابن القيِّم بعد صفحات (٥٣٠)، فلم يُخَرِّجه (الهدَّام)، وإنَّما أحال به على حديث الزُّهري -الذي أعلّه بالوقف-، فقال:"تقدّم تخريجه"؛ فهل كان هذا عن غفلةٍ أو تغافُل؟ ! الثاني هو الأقربُ إلى هدمهِ!
ولابُدّ لي بهذه المناسبةِ من التنبيه على ما يأتي:
أوّلًا: لقد كان يكفي هذا (الهدَّامَ) -رادعًا له عن إصراره على تضعيفِ الحديث هنا وهنا-؛ علمُهُ بِجَرَيان عملِ العلماء عليه، واحتجاجِهم في كتبهم، مع اطِّلاعِهم على العلّة المزعومة، كالإمام النووي في "الرياض"، و"شرح مسلم" -وغيرهما-، والشيخين: ابن القيِّم هنا، وشيخه في "الفتاوى"(٢٨/ ٢٤٤)، والحافظ العراقي في مواطن من كتابه "تخريج الإحياء"، وابنه أبي زُرعة في "طرح التثريب"(٧/ ٢١٥)، والحافظ ابن كثير في "التفسير"؛ وغيرهم كثير وكثير -مما لا يمكن إحصاؤه-.
ثانيًا: بمناسبة ذكر ابن كثير؛ لقد قال في تخريج هذا الحديث - مِن "تفسيره"(١/ ٥٥٤) -بعد أن مماقه بإسناد أحمد، من طريق صالح بن كَيْسان-:
"رواه الجماعةُ سوى ابن ماجة من طُرُق عن الزهري. . . به".
قلت: فيه تساهُلٌ؛ لأنَّ البخاري والترمذي ليس عندهما إلَّا قولُهُ -قبل هذا الحديث-: "ليس الكذّابُ الذي يُصلح بين الناس، فَيَنْمي خيرًا أو يقول