من الجزم المذكور؛ لما يترتَّب عليه من إعلال الأحاديث بغير حُجَّةٍ بيِّنة، ثم
استغلال ذلك من أهل الأهواء والجهلة.
لقد أعجبني تحفّظ العلائي؛ لأنَّه ثبت أنه لقي عمر أيضاً، فقد روى ابن سعد (٥/ ١٥٤) بسنده الصحيح عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، قال: رأيت عمر وعثمان يُصَلِّيان المغرب في رمضان إِذانظرا إلى الليل الأسود، ثم يُفطران بعد.
ولذلك ذكرهما الحافظ المزي في جملة من روى عنهم حميد، وإن كان يحتمل أن يكون يومئذٍ صغيراً، ويقوِّي هذا الاحتمالَ - إن صَحَّ - ما ذكروه في تاريخ وفاته، وعلى كلّ حال فليس المقصودُ الآن تحقيقَ سماعه عن الخليفتين، وإِنَّما بيان اعتماد العلائي على (المعاصرة) في ردّه على أبي زرعة؛ فتنبَّه.
ومن هذا القَبيلِ المثالُ الآتي:
٥ - قيس بن أبي حاتم، ذكر العلائي أنَّه سمع من العشرة المبشَّرين بالجنَّة، إلَّا عبد الرحمن بن عوف، ولم يعز الاستثناء لأحد، وهو لأبي داود وغيره، وذكر عن ابن المديني أنه:"لم يسمع من أبي الدرداء وسلمان، وروى عن بلال ولم يلقه ... "، ثم تعقَّبه بقوله:
"في هذا القول نظر، فإِن قيساً لم يكن مدلِّساً، وقد ورد المدينة عقب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة فيها مجتمعون، فإِذا روى عن أحدٍ [منهم، فـ] الظاهر سماعه منه"
وإن في هذه الأمثلة لَغايةَ البيان على أنَّ عمل حفّاظ الأُمَّة قد جرى على الاحتجاج بالمعاصرة - إذا لم يكن هناك مانعٌ من تدليس، أو عدم إمكان اللقاء -، على أنَّ هذا غير مُطَّرِد، فقد تكون الرواية أحياناً مراسلةً ومكاتبةً بين