اثنين لم يلتقيا، ومع ذلك فهي حُجَّةٌ محمولةٌ على الاتصال عند العلماء كافّةً، فانظر "مراسيل العلائي"(ص ١٩٩ و ٢١٨ و ٣٢٠ و ٣٧٢).
وبهذا ينتهي بنا الكلام في حُجَّتنا الأولى على ذاك (الهدَّام).
وأمَّا الحُجّة الأخرى عليه، فهي:
أنَّ أهل الأهواء وأعداء السنَّة قد يتَّخذون اشتراط اللقاء سُلَّماً للطعن في الأحاديث الصحيحة، حتى ما كان منها متَّفَقاً عليه بين الشيخين وغيرهما، وبخاصَّةٍ إِذا كان هناك (قِيلٌ) بعدم السماع من الرّاوي عن المروي عنه - كما تقدم في المثال الأوّل -، ولذلك؛ فإِنَّه يجب تبنّي قول جماهير العلماء بالاكتفاء بالمعاصرة؛ من باب (سدِّ الذريعة) - أيضاً -؛ الذي هو من القواعد الهامّة في الشريعة.
وما لنا نذهب بعيداً، فهذا هو (الهدَّام) قد استغلَّ هذا الشرط استغلالاً سيِّئاً جداً وتوسَّع فيه؛ حتى فيما ثبت فيه اللقاء، ولم يصرِّح الرّاوي بالسماع وليس مُدَلِّساً، فضعَّف في "ضعيفته - "رياض الصالحين"" حديث البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً: "صدقك وهو كذوب"، فقد خرّجه من طريق ابن سيرين عنه، وأعلَّه بقوله:"لعلَّ البخاري ... ولعلّ البخاري ... "! ! بما لا مجال الآن للرّد عليه، ثم عزَاه للنسائي من طريق أبي المتوكّل الناجي، عن أبي هريرة، بقوله في "ضعيفتِه"(ص ٥٣٥):
"أرى أن أبا المتوكِّل لم يسمع من أبي هريرة"!
وهذا ممّا لم يقله عالمٌ من قبل؛ كما يشير هو إلى ذلك بقوله:"أرى" دونما أي خجل! وقد رددت عليه في "الصحيحة" تحت الحديث (٣١٦٢). وكذلك ضَعَّف - فيها - (ص ٥٥٩ - ٥٦٠) حديثين من رواية عبد الله بن