للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأهواء من الأموات، أو الأحياء الأموات!

ولعلّ من ذلك القبيل - أيضاً - كتمانَه تصريح ابن تيميّة بثبوت حديث حذيفة في "الفتاوى" (٣٥/ ٤٨)، فضلاً عن احتجاجه به - كما تقدّم نقله عنه (ص ٢١) - وانظر - أيضاً - (٣٥/ ٢٣) -، وكذلك احتجَّ به الحافظ ابن كثير في "التفسير" (١/ ١٧١)، وصرح بتحسينه الحافظ ابن حجر في "تخريج المختصر" (ق ٣٢/ ٢).

وإنَّما قلت: "ولعله ... "؛ لأنَّه لا جزم عندي بذلك - أولاً -، ولعلمي أنَّه لا يبحث إلاّ عن الهدم - ثانياً -! فيحتمل الأمر هذا وذاك.

ومن الشواهد الصحيحة التي وقف عليها ولم يتجرأ على الطعن في إسنادها - خلافاً لعادته -: ما رواه البخاري (١١/ ١٩٨) أن عبد الرحمن بن عوف بايع عثمان على خلافته، فقال:

"أبايعك على سنّة الله، وسنّة رسوله والخليفتين من بعده".

ولكنه ردَّ دلالته وشهادته بقوله (ص ١٥٣):

"هذا من قبيل التأكيد على سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا التغاير، ثم إنَّه موقوف"!

وهذا من بالغ جهله، وقلّة فقهه، فإِن كونه موقوفاً مما لايفسح المجال لمسلم أن لا يأخذَه - كما هو الشأن في كثير من الموقوفات -؛ لأنَّه قيل في حضرة كبار الصحابة من العشرة المبشرين بالجنّة، وغيرهم.

ثم إن قوله: "لا التغاير" قد كشف النقاب عن السبب الذي حمل هذا (الهدَّام) على تضعيف الحديث ككلٍّ - أولاً -، ثم انحطَّ إلى تضعيف فقرة: "سنة الخلفاء الراشدين" منه - ثانياً -، وهو فهمه (التغاير) بينها وبين سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -! وهو فهم سقيم بمرّة.

<<  <   >  >>