قلت: كذا جزم ابنُ القَيِّم - رحمه الله - بنسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الصواب، وعاكسه (الهدَّام)، فقال (١/ ٥٦): "حديث ضعيف، ولعلّه قولٌ لبعض السلف"!
فأقول: اجعل (لعلّ) عند ذاك الكوكب، فإِنَّه قولٌ مبتدَعٌ لم يقل به أحدٌ ممن سلف، ولو كان من الخلف، فحريٌّ بمثله أن يُرمى به أرضاً.
ثم خرَّجه من رواية التِّرمذي وابن ماجه - فقط -، فأَعلّه بـ (عبد الرحمن ابن ثابت بن ثوبان)، قال. "وهو ضعيف"، وبعطاء بن مُرَّة (كذا؛ والصواب: قره! )، قال:"ولم يعرفه ابن المديني".
ومن حديث ابن مسعود، وأبي الدرداء، وجابر، ونقل عن أبي حاتم أنَّه قال:"وهذا خطأ، وإنَّما هو محمد بن المنكدر، أن النبي ... مرسلاً"، ثم قال:"وبهِ قال الدارقطني وابن الجوزي".
وفي الرّد عليه أقول: أَحْصُرُ الكلامَ على حديث أبي هريرة، وحديث جابر: أمّا حديث أبي هريرة؛ فنقول: إِنه حسن الإسناد، رغم أنفط (الهدَّام)؛ وذلك لأنَّ عبد الرّحمن بن ثابت ليس ضعيفاً كما زعم، بل هو وسطٌ، ولذلك قال المنذري والذهبي فيه:"صدوق".
وسيأتي بيان ذلك مفصلاً تحت الحديث (١٠٣)، ولذلك صحّح له كثير من الحفّاظ المتقدمين والمتأخرين، كالترمذي، وابن حِبّان، والحاكم، والمنذري، والذهبي، والعراقي، وغيرهم.
وأمَّا تشبُّثُهُ بقول ابن المديني في عطاء بن قُرّة:"لا أعرفه"! فهو من أسلوبه في هدم السنّة، فإِنَّه يقدِّم النّفي على الإثبات - خلافاً لقاعدة الفقهاء - بل العقَلاء جميعاً:(من علم حُجَّة على من لم يعلم) -، فإِذا هو لم يعرفه،