للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنك سألت عن الآتي: أهو من جنس الرجال أم من جنس النساء؟

فالنكرة - أذن - على أصلها من كونها لواحد من الجنس، غير أن القصد منك لم يقع على كونه واحداً وإثماً وقع على كونه من جنس الرجال.

وفي عكس هذا إذا قلت: (أرجل جاءك أم رجلان؟ ) كان القصد منك إلى كونه واحداً دون كونه رجلاً.

وههنا أصل ينبهك إليه عبد القاهر وهو إنه إذا ما كان في اللفظ دليل على أمرين، ثم قصده أحدهما دون الآخر صار هذا الآخر كأنه لم يدخل في دلالة اللفظ.

وإذا ما نظرت فيما قدمه عبد القاهر من قول سيبويه: "أنك قلت عبد الله فنبهته ثم بنيت عليه الفعل" وجدته يطابق هذا، وذلك لأن التنبيه لا يكون إلا على شيء معلوم، كما أن قصر الفعل لا يكون إلا على شيء معلوم كذلك فإذا ما بدأت بالنكرة فقلت: رجل وأنت لا تقصد بها الجنس وأن تعلم السامع أن الذي أردت بالحديث رجل لامرأة، كان محالاً أن تقول أني قدمته لأنبه المخاطب له لأنه يخرج بك إلى أن ت قول: أني أردت أن أنبه السامع لشيء لا يعلمه، وذلك مما لا يشك في أنه محال (١).

وخلاصة رأي عبد القاهر - في إفادة تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي التخصيص أو تقوى الحكم - أن هذا الرأي يدور غالباً حول أداة النفي فإن كانت سابقة على المسند إليه - أيا كانت حاله - أفاد الكلام التخصيص قطعاً وإن لم تسبقه أداة نفي بأن لم يوجد لها في الكلام شبح أصلاً


(١) دلائل الإعجاز صـ ٩٤، صـ ٩٥.