للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول الشاعر:

له منظر في العين أبيض ناصع ... ولكنه في القلب أسود أسفع

فقد جمل الشيء أبيض وأسود في حال واحد.

على أن عبد القاهر الجرجاني لا يقصد بقول هذا: أنك متى ألفت الشيء بالبعيد عنه في الجنس على الجملة، فقد أصبت وأحسنت ولكنه يشترط لذلك أن تصيب بين المختلفين في الجنس وفي ظاهر الأمر نهها صحيحاً معقولاً، ونجد للملاءمة والتأليف السوي بينهما مذهباً وإليهما سبيلاً، وحتى يكون ائتلافهما الذي يوجب تشبيهك من حيث العقل والحدس في وضوح اختلافهما من حيث العين والحسن، فأما أن تستكره الوصف، تروم أن تصوره حيث لا يتصور فلا لأنك تكون في ذلك بمنزلة الصانع الأخرق، يصنع في تأليفه وصوغه الشكل بين شكلين لا يلائمانه ولا يقبلانه، حتى تخرج الصورة مضطربة وتجيء فيها نتو، ويكون للعين عنها من تفاوتها نبو، ولم يرد بقوله: أن الحذق في إيجاد الائتلاف بين المختلفات في الأجناس: أنك تقدر أن تحدث هناك مشابهة ليس لها أصل في العقل، وإنما المعنى أن هناك مشابهات خفية يدق المسلك إليها، فإذا تغلغل فكرك فأدركها، فقد استحققت الفضل.

ووازن ذلك: أن القطع التي يجيء من مجموعها صورة الشنف والخاتم أو غيرها من الصور المركبة من أجزاء مختلفة الشكل لو لم يكن بينها تناسباً مكن ذلك التناسب أن يلائم بينها الملاءمة المخصوصة ويوصل الوصل الخاص، لم يكن ليحصل لك من تأليفها الصورة المقصودة.