للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن الأمر ليس كذلك، لأن القمر على نقصانه يظهر كل ليلة حتى يكون السرار.

وقد قال ابن بابك: في نحو هذا:

كذا البدر ويسفر في تمه فإن خاف نقص المحاق انتقب

بمعنى أن البدر يكشف عن وجهه وهو في مرحلة التمام فإذا خاف النقصان بالمحاق وصنع نقاباً على وجه.

وكذلك ينظر إلى مقابلة البدر للشمس واستمداده من نورها وإلى كون ذلك سبب زيادته ونقصه وامتلائه من النور والائتلاق وحصوله في المحاق، وتفاوت حاله في ذلك، فيصاغ منه كمثال ويبين أشباه ومقاييس، ومن لطيف ذلك قول ابن نباته:

قد سمعنا بالغر من آل ساسا ... ن ويونان في العصور الخوالي

والملوك الأولى إذا أضاع ذكر ... وجدوا في سائر الأمثال

مكرمات إذا البليغ تعاطي ... وصفها لم يجده في الأقوال

وإذا نحن لم نضفها إلى مد ... حك كانت نهاية في الكمال

إن جمعناهما المر بها الجمـ ... ع وضاعت فهي ضياع المحال

فهو كالشمس بعدها يملاء البد ... ر، وفي قربها محاق الهلال

على أن فكرة كون التمثيل يعطيك من الشيء الواحد أشياء كثيرة هي نفسها فكرة القاضي الجرجاني - وفي وساطته - فمن نظراته الفاحصة الناقدة وجد أن التشبيهات قد تتعدد ويكون المشبه به شيئاً واحداً، وتلك مزية من مزايا التشبيه التي لا تكاد تحصى