للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والتمثيل (أي الاستعارة التمثيلية)، فالتقطها عبد القاهر، وصاغ منها نظرية البيان التي لخصها في عبارته الوجيزة الشهيرة (المعنى ومعنى المعنى) ومعنى ذلك: أن عبد القاهر قد ألف كتابه "دلائل الإعجاز" في العقد السابع من حياته، وهي مرحلة متأخرة من عمره الذي أمتد إلى سنة ٤٧١ هـ.

وهذا التوقيت موافق لقوله في "دلائل الإعجاز" هذه مسألة كنت قد عملتها قديماً، وقد كتبتها ههنا، لأن لها اتصالاً بهذا الذي صار بنا القول إليه: قوله تعالى: " إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ" أي لمن كان أعمل قلبه فيما خلق القلب له من التدبر والتفكر والنظر فيما ينبغي أن ينظر فيه." (١)

فإذا ما تصفحنا "أسرار البلاغة" وجدنا هذه المسألة ذاتها، إذ يقول "ومثل من توقف في التفات هذه الأسامي إلى معانيها الأولى وظن أنها مقطوعة" عنها قطعاً يرفع الصلة بينها وبين ما جازت إليه، مثل من نظر في قوله تعالى: (إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ) فرأى أن المعنى على الفهم والعقل، أخذه ساذجاً، وقبله غفلاً، وقال: القلب ههنا بمعنى العقل، وترك أن يأخذه من جهته، ويدخل إلى المعنى من طريق المثل، فيقول: أنه حين لم ينتفع بقلبه ولم يفهم بعد أن كان القلب للفهم جمل كأنه عدم القلب جملة وخلع من صدره خلعاً كما جعل الذي لا يعي الحكمة ولا يعمل الفكر فيما تدركه


(١) دلائل الإعجاز صـ ١٩٨ ..