للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كونه واقعاً في موقعه وعلى الصواب، أو واقعاً غير موقعه، كقولهم "هو كالقابض على الماء، والراقم في الماء" فالشبه هنا منتزع مما بين القبض والماء، وليس بمنتزع من القبض نفسه، وذلك أن فائدة قبض اليد على الشيء أن يحصل فيهان فإذا كان الشيء مما لا يتماسك ففعلك القبض في اليد لغو، وكذلك القصد في الرقم، أن يبقي أثر في الشيء، وإذا فعلته فيما لا يقبله كان فعلك كلا فعلك، وكذلك قولهم (يضرب في حديد بارد)، (وينفخ في غير فحم) (١).

ثم قال: "ومن هذا الباب، قولهم (أخذ القوس باربها)، وذلك أن المعنى على وقوع الأخذ في موقعه ووجوده من أهلهن فلست تشبه من حيث الأخذ نفسه وجنسه، ولكن من حيث الحكم الحاصل له بوقوعه من باري القوس على القوس، وكذلك قولهم (ما زال يفتل منه في الذروة والغارب) الشبه مأخوذ مما بين القتل وما تعدي إليه من الذروة والغارب ول وأفردته لم تجد شبهاً بينه وبين ما يضرب هذا الكلام مثلاً له، لأنه يضرب في الفعل أو القول، يعرف به الإنسان عن الامتناع إلى الإجابة وعن الآباء عليك في مرادك إلى مرافقتك والمصير إلى ما تريد منه، وهذا لا يوجد في الفتل من حيث هو فتل" وإنما يوجد في الفتل إذا وقع في الشعر من ذروة البعير وغاربه" (٢).


(١) أسرار البلاغة (مطبعة الاستقامة) صـ ١١٦، صـ ١١٧.
(٢) أسرار البلاغة (مطبعة الاستقامة) صـ ١١٩، صـ ١٢٠.