للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال أيضاً: ومن الواضح في كون الشبه معلقاً بمجموع الجملتين" حتى لا يقع في الوهم تميز أحداهما عن الأخرى قوله "بلغني أنك تقدم رجلا ًوتؤخر أخرى، فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيهما شئت والسلام" وذلك أن المقصود من هذا الكلام التردد بين الأمرين وترجيح الرأي فيهما ولا يتصور التردد والترجيح في الشيء الواحد فلو جهدت وهمك أن تتصور لقولك "تقدم رجلاً" معنى وفائدة ما لم تقل "وتؤخر أخرى" أو تنوه في قلبك كلفت نفسك شططاً" وذكر أبو أحمد العسكري: أن هذا النحو من الكلام يسمى (المماثلة).

(١) التمثيل في الأسرار (تشبيه تمثيلي): وهذه التسمية توهم أنه شيء غير المراد بالمثل والتمثيل وليس الأمر كذلك، كيف وأنت تقول "مثلك مثل من يقدم رجلاً ويؤخر أخرى" ووزان: هذا أنك تقول: (زيد الأسد) فيكون تشبيهاً على الحقيقة، وإن كنت لم تصرح بحرف التشبيه، ومثله أنك تقول: (أنت ترقم في الماء) (وتضرب في حديد بارد) و (تنفخ في غير فحم) فلا تذكر ما يدل صريحاً على أنك تشبه، ولكنك تعلم أن المعنى على قولك: أنت كمن يرقم في الماء وكمن يضرب في حديد بارد، وكمن ينفخ في غير فحم، وما أشبه ذلك مما تجيء فيه بمشبه به ظاهر تقع هذه الأفعال في صفة اسمه أو صلته" (١).

تلك خمسة أمثلة، أو قل أنها خمسة أمثال من الأمثال التي جعلها عبد القاهر الجرجاني من باب التمثيل - على حد تعبيره - أو التشبيه التمثيلي - على حد قول المتأخرين، ولم يتنبه إلى أنها جميعاً


(١) أسرار البلاغة (مطبعة الاستقامة) صـ ١٢٦، صـ ١٢٧.