للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانية: أن يتضمن الغلو نوعاً حسناً من التخييل، كما في قول أبي الطيب المتنبي:

أقبلت تبسم، والجياد عوابس ... يخببن بالحلق المضاعف والقنا

عقدت سنابكها عليها عثيراً ... لو تبتغي عنقاً عليه لأمكنا

والخبب: ضرب من العدو، وسنابك الخيل أطراف حوافرها، والعثير: الغبار، والعنق: السير السريع يقول: أنك أقبلت مبتسماً، وجيادك عوابس لكثرة ما عليها من حديد الدروع والقنا، وقد بلغت سرعتها أن سنابكها أثارت غباراً انعقد فوقها وأصبح كالأرض، حتى أنها لو أرادت أن تسير مسرعة عليه لأمكنها ذلك، وهذه مبالغة مقبولة، لأن الذي سوغها ما فيها من تخييل حسن، وهو ادعاؤه كثرة الغبار وجعله كالأرض في الهواء.

وقد جمع القاضي الارجاني بين التخييل الحسن ووجود ما يقرب إلى الصحة - في قوله - يصف الليل بالطول -

يخيل لي: أن سمر الشهب في الدجى ... وشدت بأهدابي إليهن أجفاني

وسمر الشهب بالدجى: أحكمت فيها بالمسامير، والدجى: جمع دجية وهي الظلمة، والأهداب: جمع هدب، وهو شعر أشفار العينين.