قال: ليس هذا من بحرك: مضغها أشد لحين منك! قال: فاستدركها بطبعه، وفطن لها بلطف ذهنه. (١)
فلابد - أذن - من سبب لاستحسان كلام دون آخر: وبحث عن السبب فوجده، ولم يتعد هذا السبب النظم.
فالسبب الحقيقي - في رأي الخطابي - إن أجناس الكلام مختلفة فمنها البليغ الرصين الجزل، ومنها: الفصيح القريب السهل، ومنها الجائز الطلق الرسل.
والقسم الأول: هو أعلى طبقات الكلام وأرفعه، والقسم الثاني هو أوسط الكلام وأقصده، والقسم الثالث: هو أدناه وأقربه.
وقد حازت بلاغة القرآن الكريم من كل هذه الأقسام الثلاثة حصة، وأخذت من كل نوع من أنواعها شعبة، فانتظم بامتزاج هذه الأوصاف الثلاثة نمط من الكلام يجمع بين الفخامة والعذوبة، فكان اجتماع هذين الأمرين الفخامة والعذوبة - في نظمه - مع نبو كل واحد منهما عن الآخر فضيلة خص بها القرآن الكريم.
ولا تقوم أجزاء الكلام إلا على هذه الأمور الثلاثة:(لفظ حامل، ومعنى قائم، ورباط لهما ناظم).