للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه قول ابن الرومي:

ليس به عيب سوى أنه لا تقع العين على شبهه!

فذكر أنه خالص من العيوب، ولكنه لما ذكر أداة الاستثناء (سوى) أوهم أنه سيثبت له عيباً، ولكنه لما ذكر أن العين لا تقع على شبهه، أي أنه لا شبيه له في الحسن، وهذه صفة مدح لا صفة ذم، كان هذا الصنيع مؤكداً لمدحه الذي بدأه.

ومنه. قول صفي الدين الحلي:

لا عيب فيهم سوى أن النزيل بهم يسلو عن الأهل والأوطان والحشم.

أي أنهم مبرأون من العيوب، غير أنهم يكرمون نزيلهم حتى يسلوا أهله، ووطنه، وحشمه، وتلك صفة مدح لا صفة ذم فتأكد بهذا مدحهم وبلغت العبارة أسمى درجات البلاغة.

لأنه قد استدل على سلامتهم من العيوب بأن علق ثبوت العيب فيهم على كون إكرامهم لنزيلهم عيباً، وهو محال والمعلق على محال محال، وهذا أشبه بقولهم: حتى يبيض القار، وحتى يشيب الغراب.

ولأنه لما ذكر أداة الاستثناء قبل ذكر إكرامهم لنزيلهم - والأصل في الاستثناء الاتصال - أوهم صنيعه هذا أنه سيخرج شيئاً مما نفاه عنهم، وأنه سيثبت لهم عيباً، فلما أثبت لهم صفة إكرام النزيل تأكد