على حال الشاعر عندما غضب عليه النعمان وتوعده، وصور ما يعتلج في قلبه من هم أعياه، وأقض مضجعه، وحرمه النوم الهانئ، فألم به أرق جعل ليله طويلاً، وكل ذلك قد وضع في أسلوب بين واضح، وارتباط قوي بين شطري البيت وتناسب في القوة والجزالة.
كما أنهم قالوا: أن أحسن مرئية جاهلية ابتداء قول أوس بن حجر:
أيتها النفس: اجملي جزعاً ... إن الذي تحذرين قد وقعا (١)
ولعل حسن هذا المطلع راجع إلى تعبيره عما كان يضمره الشاعر لهذا الذي يرئيه من حب وإعزاز، وما كان يخضى عليه من عدوان الموت، ونزل الحام بساحته، أما وقد نزل هذا الحذو، فإنه نفسه قد مضت في الحزن إلى أبعد الغايات، واستسلمت إلى البكاء والنحيب والجزع، وهو لذلك يطلب إليها أن تتحمل المصاب في صبره، وألا تسترسل في آلامها برغم أن ما تحذره من المكروه قد نزل بساحتها وألم بها.
ومن المطالع الجيدة التي أعجب بها القاضي الجرجاني لأبي الطيب المتنبي:
أتراها لكثرة العشاق ... تحسب الدمع خلقه في المآقي؟