أما سر استحسان التجنيس - عند عبد القاهر أيضاً - فهو: هذا الخداع اللفظي الذي يخدعك به الشاعر أو الأديب ويبدي لك الكلام في صورة التكرير والإعادة، مع أنه قد تضمن حسن الإفادة والزيادة.
ومع أن عبد القاهر الجرجاني قد ذكر هذه الفائدة للتجنيس - وهي حسن الإفادة مع أن الصورة صورة التكرير والإعادة - فإن بهاء الدين السبكي ينقل عن صاحب كنز البلاغة، عماد الدين إسماعيل بن الأثير الحلبي - وهو من علماء القرن الثامن الهجري - أنه قال: "لم أر من ذكر فائدة الجناس، وخطر لي أنها الميل إلى الإصغاء إليه فإن مناسبة الألفاظ تحدث ميلاً وإصغاء إليها، ولأن اللفظ المشترك إذا حمل على معنى ثم جاء والمراد به معنى آخر كان للنفس تشوف إليه (١). وكأنه لم يطلع على أسرار البلاغة على أنك لا تجد تجنيساً مقبولاً، ولا سجعاً حسناً حتى يكون المعنى هو الذي طلبه واستدعاه وساق المتكلم نحوه، وحتى تجده لا تبتغي به بدلاً، ولا تجد عنه حولاً.
ومن هنا كان أحلى تجنيس تسمعه وأعلاه وأحق بالحسن وأولاه: ما وقع من غير قصد من المتكلم إلى اجتلابه وتأهب لطلبه، أو ما هو لحسن ملاءمته - وإن كان مطلوباً -، بهذه المنزلة وفي هذه الصورة، وذلك