للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضع، وبحسب المعنى الذي تريده، والغرض الذي توم، وإنما سبيل هذه العاني سبيل الاصباغ التي تعمل منها الصورة والنقش فكما أنك ترى الرجل قد تهدي في الأصباغ التي عمل منها الصورة والنقش في ثوبه الذي نسج إلى ضرب من التخير والتدبر في أنفس الأصباغ وفي موقعها، ومقاديرها، وكيفية مزجه لها، وترتيبه إياها إلى ما لم يتهد إليه صاحبه، فجاء نقشه من أجل ذلك أعجب، وصورته أغرب كذلك حال الشاعر والشاعر في توخيها معاني النحور ووجوهه التي علمت أنها محصول النظم" (١).

فعبد القاهر الجرجاني يدرك الفروق والوجوه التي تنشأ عن توخي معاني النحو فيما بين الكلم، أي الناشئة عن النظم، والتي أدركها القاضي الجرجاني، بطبعه، ولم يستطع الإفصاح عنها، ولكنه يستدرك فيبين أن المزية ليست لتلك الفروق في أنفسها ولكنها تعرض لها بحسب المعاني والأغراض التي يصاغ لها الكلام بحسب موقع بعضها من بعض، واستعمال بعضها مع بعض.

وهذا ما يقصده القاضي الجرجاني بقوله: (ولا يقابل بين الألفاظ ومعانيها ولا يسبر ما بينهما من نسب ولا يمتحن ما يجتمعان


(١) دلائل الإعجاز صـ ٦٠.