للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه من سبب" (١) وبقوله "فإن خلص إليهما فبأن يسهل بعض الوسائل إذنه، ويمهد عندهما حاله، فأما بنفسه وجوهره، وموقعه ومكانه فلا" (٢).

ذلك لأن معنى قول القاضي الجرجاني "ولا يقابل بين الألفاظ ومعانيها .. الخ" أنه يعيب على الناقد الذي لا يعبأ بمقابلة الألفاظ بمعانيهما، وليست هذه المعاني إلا الأغراض التي يصاغ لها الأسلوب والتي ذكرت في مقدمة وساطته فقال: "ولا أمرك بإجراء أنواع الشعر كله مجرى واحداً ولا أن تذهب بجميعه مذهب بعضه، بل أرى لك أن تقسم الألفاظ على رتب المعاني، فلا يكون غزلك كافتخارك، ولا مديحك كوعيدك، ولا هجاوك كاستبطائك، ولا هزلك بمنزله جدك، ولا تعرضك مثل تصريحك، بل ترتب كلا مرتبته، فتلطف إذا تغزلت وتفخم إذا افتخرت، وتتصرف للمديح تصرف مواقعه، فإن لمدح بالشجاعة والباس يتميز عن المدح باللباقة والظرف، ووصف الحرب والسلاح ليس كوصف المجلس والمدام، فلكل واحد من الأمرين نهج هو أملك به وطريق لا يشاركه الآخر فيه، وليس ما رسمته لك في هذا الباب بمقصود


(١) الوساطة صـ ٤١٣.
(٢) نفس المصدر.