للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخاف أن كلا البيتين قد جرى على مقتضى قواعد النحو، وبالتالي فإن الجرى على ما تقتضي هذه القواعد تتم به صحة النظم، وتنشأ عذوبة الكلام".

هكذا يجعل القاضي الجرجاني صحة النظم في العمل بقوانين النحو، وفساده في عدم العمل بها، ومعنى ذلك بوضوح أن النظم عنده: هو العمل بقوانين النحو، وبعبارة أخرى: هو: توخي معاني النحو فيما بين الكلم على حسب الأغراض التي يوضع لها الكلام - على حد تعبير عبد القاهر الجرجاني -.

وليس ذلك استنتاجنا نحن فحسب -ولكنه - أيضاً - استنتاج عبد القاهر الجرجاني نفسه، فقد استنبط ذلك من تصرف القاضي الجرجاني في كتاب الوساطة، فذكر أن العلماء - وأن كان يعني القاضي الجرجاني -قد كشفوا عن وجه النظم، فبعد أن بين أطباق العلماء على تعظيم شأن النظم بقوله "وقد علمت أطباق العلماء على تعظيم شأن النظم وتفخيم قدره، والتنويه بذكره، وأجماعهم على أن لأفضل مع عدمه، ولا قدر لكلام إذا هو لم يستقم له، ولو بلغ في غرابة معناه ما بلغ، ويتهم الحكم بأنه الذي لا تمام دونه، ولا قوام إلا به، وأنه القطب الذي عليه المدار والعمود الذي به الاستقلال (١)، وبعد أن بين أن النظم ليس


(١) دلائل الإعجاز صـ ٥٤، صـ ٥٥.