للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يبين لنا سبب تلك الاستجادة، ولا سر ذلك الاستحسان، وأن عبد القاهر الجرجاني قد تكفل بذلك (١).

ولهذا كله: فإننا نعتقد أن نظرية النظم التي جعلها عبد القاهر الجرجاني أساساً لعلم المعاني - كما سمي من بعده- والتي فتح مغاليتها وبين أقسامها، وذكر شواهدها، كانت مستوحاه من كلام القاضي في كتاب الوساطة، وأن عبد القاضي الجرجاني أساس فكرة النظم، ثم تكفل بتفسيرها، وتوضيحها، وذكر شواهدها، ولعل عبد القاهر الجرجاني - وهو النحوي البارع الذكي - قد قرأ - أيضاً - ما دار بين أبي سعيد السيرافي وبين أبي بشر منتى بن يوسف في مجلس أبي الفتح بن جعفر بن الفرات في مناظره حادة بينهما حول جدوى علم النحو وفيها يقول أبو سعيد - السيرافي "إذا كانت الأغراض المعقولة والمعاني المدركة لا يتوصل إليها إلى باللغة الجامعة للأسماء والأفعال والحروف، أفليس قد لزمت الحاجة إلى معرفة اللغة .. معاني النحو منقسمة بين حركات اللفظ وسكناته وبين وضع الحروف في مواضتها المقتضية لها وبين تأليف الكلام بالتقديم والتأخير، وتوخي الصواب في ذلك، وتجنب الصواب في ذلك، وأن زاع عن التعنت فإنه لا يخلو من أن يكون سائغاً بالاستعمال النادر والتأويل البعيد، أو مردوداً لخروجه عن عادة القوم


(١) دلائل الإعجاز صفات ٦٠، ٦١، ٦٢، ٦٣.