للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العودة إلى منهج القدماء - وبخاصة عبد القاهر الجرجاني - دراسة البلاغة.

وهذه الدراسة - وأن كانت تقدر لهذا الرأي جديته الفكرية - ألا أنها - في الوقت نفسه - لا تغمط المتأخرين حقهم من الإجلال، والتقدير، لما أفنوا فيه أعمارهم من محاولة الغوص إلى أعماق اللسان العربي، لاستخراج ما فيه من درر الفكر، وجواهر التعبير وأن أخطأ الكثيرون منهم مقاصدهم، ولم يتبينوا سبيلهم فما عرفوا وجه الحق فيما اختلفوا فيه، ولا تبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود!

على أن منهج القدماء إنما هو منهج الباحث المتخصص، ومنهج المتأخرين هو منهج الدارس المبتدئ إذا استثنينا منه ما يحتويه من خلافات لا تفيد في الوقوف على أسرار التراكيب ولا تجدي في تذوق جمال الأساليب.

بيد أن منهج المتأخرين منهج"ناقص" مبتور، لأنه عدم الصلة بينه وبين المنابع الأصلية التي أستقى منها أفكاره، فشكل بها أبوابه ونوع فصوله، وفرع مسائله وأبرز قضاياه! .

وغني عن البيان أن تراث عبد القاهر الجرجاني كان أهم المنابع التي أستقى منها المتأخرون بلاغتهم، كالرازي، والسكاكي والخطيب القزويني، وأهل طبقتهم، ولكنهم لم يبينوا لنا كيف أخذوا من عبد القاهر، ولا كيف كان تصوره للبلاغة وأنما اخذوا أفكاره