للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دون أن يتبينوا نظريته التي نشأت عنها هذه الأفكار، وهي نظرية النظم التي فرعوا منها مسائل علم المعاني.

وهذه الدراسة التي نقدمها بين يديك الآن: تبين لك كل هذا فتوضح كيف أخذ المتأخرون عن عبد القاهر الجرجاني"علم المعاني" وكيف كان تصوره للبلاغة والفرق بين تصورهم، وتصوره لها، فهي، أذن - تزجى إليك ما فرط فيه المتأخرون، وتبين لك ما أغفلوا تبيينه وتعقد الصلة بين منهجهم وبين منابعهم الحقيقية من تراث عبد القاهر الجرجاني.

على أن سبيل الكتابة عن البلاغة في فكر عبد القاهر الجرجاني مخالف لسبيلها عند المتأخرين ممن لم يهتموا بدراسة تراثه البلاغي إلا من حيث استخراج القاعدة البلاغية، والتبويب العلمي، والتقسيم المنطقي لأنهم بذلك قد أهملوا الظروف الفكرية، والعقلية التي صنف فيهما كتابيه "أسرار البلاغة" و"دلائل الإعجاز" وحاولوا قياس فكره بفكرهم، ووزن عقليته النادرة بعقليتهم، فحادوا بذلك عن جادة الطريق! وما مثلهم في هذا الذي تكلفوه، من محاولة فرض مقاييسهم البلاغية وتحكيم عقليتهم العلمية في ما أثمرته عقليته النادرة، وما أنتجته قريحته الفياضة إلا مثل من يضع العربة أمام الحصان - أن صح هذا التعبير - على أن الباحث الذي يريد أن يتصدى لدراسة الفكر البلاغي في كتابي عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة يحتاج - أولاً وقبل كل شيء - لكي يفهم مقاصد،