للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأن القاضي الجرجاني قد كان يقصد بهذه المعاني: الأغراض التي يقصدها الأديب بشعره أو نثره، والتي أشار غليها في مقدمة وساطته بقوله "ولا آمرك بإجراء أنواع الشعر كله مجرى واحداً، ولا أن تذهب بجميعه مذهب بعضه، بل أرى لك أن تقسم الألفاظ على رتب المعاني فلا يكون غزلك كافتخارك، ولا مديحك كوعيدك، ولا هجاؤك كاستبطائك ولا هزلك بمنزلة جدك ولا تعرضك مثل تصريحك، بل ترتب كلا مرتبته وتوفيه حقه، فتلطف إذا تغزلت، وتفخم إذا افتخرت، وتتصرف للمديح تصرف مواقعه، فإن المدح بالشجاعة والباس بيتميز عن المدح باللباقة والظرف، ووصف الحرب والسلاح ليس كوصف المجلس والمدام، فلكل واحد من الأمرين نهج هو أملك به، وطريق لا يشاركه الآخر فيه" (١).

وهذا المعنى هذا الذي عبر عنه المتأخرون من البلاغيين في تعريفهم للبلاغة أنهم: مطابقة الكلام لمقتضى الحال (٢).

يقول عبد القاهر الجرجاني: "فصل في أن هذه المزايا بحسب المعاني والأغراض التي توم".

"وغذا عرفت أن مدار أمر النظم على معاني النحو، وعلى الوجوه والفروق التي من شأنها أن تكون فيه فاعلم أن الفروق والوجوه كثيرة ليس لها غاية تقف عندها، ونهاية لا تجد لها ازدياداً بعدها، ثم أعلم أن ليست


(١) الوساطة صـ ٢٤.
(٢) الإيضاح صـ ٨.