للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى فساد النظم وسوء تأليفه، كما أنهم قد رأوا سلامة النظم في العمل بقوانين النحو، ورأوا فساد النظم في عدم العمل بها فبإن له بذلك أن النظم ليس إلا تتبع معاني النحو فيما بين الكلم.

ولعلك على ذكر مما أسلفناه لك من أن عبد القاهر الجرجاني قد استنبط هذا القول من تصرف القاضي الجرجاني في وساطته بين المتبني وخصومه وأنه قد استشهد بما استحسنه القاضي الجرجاني من أبيات للبحتري وغيره، وبما استقبحه من أبيات أخرى لبعض الشعراء، وأن الأولى قد أرجع القاضي الجرجاني حسنها إلى سلامة النظم، ولم يزد على هذا وأن الثانية قد أرجع قبحها إلى فساد النظم وهلهلة النسج وسوء التأليف، وأنها لم تجس على قوانين النحو.

وفي هذا الفصل الذي نعرضه عليك الآن: يذكر أن مزايا النظم إنما تكون وتحدث بسبب المعاني والأغراض التي يقصدها البليغ، غذ ليس للفروق والوجوه التي تحدث في النظم، من تعريف، وتنكير، وتقديم، وتأخير غيرها، مزيه حتى تكون ملائمة ومناسبة للأغراض التي يقصدها البليغ.

وقد اسلفنا لك أن هذا المعنى قد استقاه من فصل عقده القاضي الجرجاني عن مواقع الكلام، حيث ذكر أن النقد الأدبي السليم أنما هو ذلك الذي يوجه إلى جوهر الكلام وموقعه، ومكانه من النظم، ثم اهتمامه بمناسبة الألفاظ لمعانيها، ومعرفة ما بينهما من أسباب ووشائج قربي،