للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إلَى خَيْبَرَ يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ الْحَدِيثَ١ وَأَبُو دَاوُد،


= يحرم خرص ثمار "البصرة" لكثرتها، وكثرة المؤنة في خرصها فقد رده الأصحاب، وقالوا: إنها طريقة ضعيفة تفرد بها.
وصفته: أن يطوف بالنخلة، ويرى جميع عناقيدها، ويقول: خرصها كذا وكذا، ثم يفعل بالنخلة الأخرى كذلك، ثم باقي الحديقة، ولا يجوز الاقتصار على رؤية البعض، وقياس الباقي عليه لأنها تتفاوت، ويخرص كل نخلة رطبا، ثم تمراً؛ لأن الأرطاب تتفاوت، فإن اتحد النوع جاز أن يخرص الجميع رطبا، ثم تمراً.
وإنما لم يجز الاقتصار على رؤية البعض؛ لأنه اجتهاد، فوجب بذل المجهود فيه، وقيل: إن الطواف بكل نخلة ليس بواجب، بل مستحب، لأن فيه مشقة.
والأصح: أنه يخرص جميع النخل، والعنب، ولا يترك للمالك شيئا، وما من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع"، حمله الشافعي رضي الله عنه على تركهم له ذلك من الزكاة، ليفرقه بنفسه على فقراء أقاربه وجيرانه لطمعهم في ذلك منه، لا على ترك بعض الأشجار من غير خرص جمعاً بينه وبين الأدلة المطالبة لإخراج زكاة التمر، والزبيب، وفي قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فخذوا ودعوا" إشارة لذلك أي إذا خرصتم الكل فخذوا بحساب الخرص، واتركوا له شيئا مما خرص، فجعل الترك بعد الخرص المقتضي للإيجاب، فيكون المتروك له قدراً يستحقه الفقراء ليفرقه هو.
والثاني: أنه يترك للمالك، ثمر نخلة، أو نخلات يأكله أهله؛ تمسكاً بظاهر المذكور، وهو صحيح لم يتكلموا فيه بجرح ولا تعديل، رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
ثم إنه يكفي خارص واحد على المشهور؛ لأن الخرص نشأ عن اجتهاد، فكان كالحاكم، وما روي من أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يبعث مع ابن رواحة واحداً يجوز أن يكون معيناً، أو كاتبا.
وقيل: يشترط اثنان؛ كالتقويم والشهادة.
وقطع بعضهم بالأول.
ولا فرق في هذا بين ما كان صبياً أو مجنوناً أو غيرهما.
وقيل: إذا كان صبيا أو مجنوناً، أو سفيهاً، اشترط اثنان وإلا كفى واحد، ولا يجوز للحاكم بعث الخارص، إلا بعد ثبوت معرفته عنده، ولا يكفي مجرد قوله فإن لم يبعث الحاكم خارصاً، أو لم يكن حكمل الملك عدلين عالمين بالخرص يخرصان عليه لينتقل الحق إلى الذمة، ويتصرف في الثمرة، ولا يكفي واحد احتياطاً للفقراء، ولأن التحكيم هنا على خلاف الأصل رفقا بالمالك، ومحل جواز الخرص إذا كان المالك موسراً، فإن كان معسراً فلا لما فيه من ضرر المستحقين.
ولو اختلف الخارصان في المقدار، وقف الأمر إلى تبين المقدار منهما أو من غيرهما.
وقيل: يؤخذ بالأقل، لأنه اليقين، وقيل: يخرصه ثالث، ويؤخذ بقول منه هو أقرب إلى خرصه، ولا يكفي خرصه هو، وإن احتاط للفقراء، لاتهامه، وإنما صدق في عدد الماشية، لأنه إذا ادعى دون ما ذكره الساعي، فقد ادعى عدم الوجوب، وهو متعلق بالعين، ويريد نقله من العين إلى الذمة والأصل عدم انقطاع التعلق بالعين، فعمل بالأصل فيهما.
١أخرجه أحمد "٢/٢٣"، من رواية العمري، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث ابن رواحة إلى خيبر يخرص عليهم ثم خيرهم أن يأخذوا أو يردوا، فقالوا: "هذا الحق، بهذا قامت السماء والأرض".......................=

<<  <  ج: ص:  >  >>