للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..................................................................................


= أو من السنة كذا؛ فإنه يحتمل كونه سنة غيره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولذا قال الشافعي –رضي الله عنه-: "الذي يشبه أن يكون قول سعيد سنة، سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
[وأورد عليه] ثالثاً أنه لو سلم أنه أراد سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو مرسل، ولا حجة في المرسل.
[ويجاب] بأن مراسيل سعيد معمول بها؛ لما عرف من أنه لا يرسل إلا عن ثقة، ولذا احتج به الشافعي مع أنه لا يحتج بالمراسيل.
وأما الإجماع: فبيانه أن عمر –رضي الله عنه- كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا.
قال الحافظ في "بلوغ المرام": "أخرجه الشافعي، ثم البيهقي بإسناد حسن" ا. هـ.
قال عميرة في حاشيته على شرح "المنهاج" للجلال المحلى ما نصه: "قال الشافعي: ولا أعلم أحداً من الصحابة خالفه" ا. هـ؛ وقال ابن حجر: "وقضى به عمر عمر رضي الله عنه ولم يخالف أحد من الصحابة".
وقال الشرواني تعليقاً على ابن حجر ما نصه: "فصار إجماعاً سكوتيا" ا. هـ.
[وأورد عليه] أنه لا حجة قيه على هذا المسألة، وهي الفراق بالإعسار] ؛ لأن عمر لم يخاطب بذلك إلا أغنياء قادرون على النفقة، وليس في خبره حكم المعسر، بل قد صح عنه إسقاط طلب المرأة للفقة إذا أعسر به الرزوج.
هذا الإيراد أورده ابن حزم، وتبعه عليه بعض الحنفية.
[وفيه نظر] فإن كتاب عمر عام الأغنياء والفقراء.
وقال الشافعي في [الأم] : "وأحسب عمر –والله تعالى أعلم- لم يجد بحضرته لهم أموالاً، يأخذ منها نفقة نسائهم، فكتب إلى أمراء الأجناد أن يأخذوهم بالنفقة إن وجدوها، والطلاق إن لم يجدوها، وإن طلقوا، فوجد لهم أموال أخذوهم بالبعثة بنفقة ما حسبوا" ا. هـ.
وقول ابن حزم: إن صح عن عمر إسقاط طلب المرأة للنفقة إذا أعسر بها الزوج، مراده به ما يأتي عن عمر "أنه صرب ابنته حين كان أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألن النفقة، وقال: أتسألن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما ليس عنده؟ ".
وعلى فرض صحة ما فهمه ابن حزم منه، فلا دلالة فيه على أن كتابه خاص بالقادرين، بل القادرون يؤخذون بالنفقة، والعاجزون يؤخذون بالطلاق، كما قال الشافعي.
لكن في دعوى الإجماع نظر لا يخفى ... نعم، هو قول صحابي جليل، وهو حجة عند من يقول إن مذهب الصحابي حجة.
وأما المعقول، فوجوه أكتفي منها بهذا الوجه، وهو: قياس الإعسار بالنفقة على الجب والعنة، يجامع العجز عما تتضرر المرأة بعدمه، وهو قياس أولوي، فإن العجز عن الوطء فيه فقد اللذة التي يقوم البدن بدونها، والعجز عن النفقة فيه، فقد القوت ونحوه، مما لا يقوم البدن بدونه. وأيضاً العجز عن الوطء تفوت به منفعة مشتركة بين الزوجين، والعجز عن النفقة تفوت به منفعة مختصة بالزوجة، وفوات المختص أستر.
[وأورد عليه] أنه قياس مع الفارق من جهتين.
الأولى: أن العجز عن الوطء يفوت به المقصود، وهو التناسل، والعجز عن النفقة يفوت به التابع، وهو المال، والتابع لا يلحق بالمقصود.=

<<  <  ج: ص:  >  >>