دل الحديث على أن الرسول عليه الصلاة والسلام خير الأب المسلم والأم الكافرة في بنتهما الصغيرة وكان المراد من ذلك حضانتها، وهذا التخيير دليل شرعية حق الأم في الحضانة وإن كانت كافرة إذ لو كان كفرها مانعاً لها لما خيرها الرسول، فكان هذا دليلاً على عدم تأثر الحضانة باختلاف الدين. ونوقش: بأن الخبر ضعيف عند أصحاب الحديث فقد ضعف راويه إمام العلل يحيى بن القطان، وكان سفيان الثوري يحمل عليه، وضعفه ابن المنذر وفضلاً عن هذا فالقصة مضطربة ففي بعض الروايات أن المخيرة كانت بنتاً. وفي بعضها كان المخير ابناً. وقال ابن المنذر في إسناد الحديث مقال وروى على غير هذا الوجه ولا يثبته أهل النقل. وقال ابن حزم في "المحلى" بعد سياقه للحديث –قلنا- هذا خبر لم يصح قط لأن الرواة له اختلفوا فقال عثمان البتي عبد الحميد الأنصاري عن ابيه عن جده، وقال مرة أخرى عبد الحميد بن يزيد بن سلمة عن أبيه عن جده. وقال عيسى: عبد الحميد بن جعفر أخبرني أبي عن جدي رافع بن سنان وكل هؤلاء مجهولون، وقال الماوردي في "الحاوي الكبير": ولو صح لكان الجواب عنه من ثلاثة أوجه: احدها: أن المقصود بالتخيير ظهور المعجزة باستجابة دعوته. الثاني: أن الطفل كان فطيماً ومثله لا يخير. الثالث: أن عليه السلام دعا بهدايتها إلى مستحق كفالتها، وهو الأب لثبوت إسلامها بإسلام أبيه. فلو كان لأم حق لأقرها عليه، ولما دعا بالهداية. وقال ابن المنذر يحتمل أن النبي عليه السلام علم أن الطفلة تختار أباها بدعوته فكان ذلك خاصاً في حقها. فلم يكن التخيير لإثبات حق الأم في الحضانة مع اختلاف دينها. واستدلوا ثانياً: بأن شرعية الحضانة لأمرين هما: الرضاع وخدمة الرضيع، والأم أوفر شفقة على ولدها وأقدر على ملاحظته من غيرها، ثم هي تدين بدين به تكون مأمومة عليه، فلم يكن كفرها مانعاً لحضانتها. ونوقش: بأن الأم إذا كانت كافرة لا تؤمن على عقيدة الطفل وإن كانت مأمونة على حياته، وهذا لأنها تعلمه الكفر وتفتنه في دينه إن ترك إليها. وفي ذلك ضرب ذلك بليغ منعت لأجله حضانتها. واستدل من قال بجواز حضانة الأم أو الجدة أو لأخت فقط إذا كن كافرات، وهم الحنفية بأن الشفقة الباعثة على قيام الأم بشؤون ابنها والأخت بشؤون أخيها لا تأثير لاختلاف الدين فيها. لكونها أمراً طبيعياً في الإناث فكان كفرهن غير مانع من حضانتهن للولد المسلم ولهذا قالوا إذا ظهر أن في الحضانة خطر على الطفل ينزع منها ويسقط حقها في الخضانة، وعند أمن الضرر وذلك مدة عدم عقله الأديان يبقى معها إلى أن يعقل. فإذا ما انتقلت الحضانة من الإناث إلى العصبة قال الحنفية بشرطية اتحاد الدين لأن الحضانة للرجال الذين هم عصبة يعتمد التوارث ولا توارث بين مختلفي الدين. ثم إذا انتقلت الحضانة من الرجال الذين هم عصبة إلى المحارم غير العصبات يسقط هذا الشرط لأن علة الاستحقاق هي القرابة المحرمة وهي غير متأثرة باختلاف الدين. واستدل القائمون بمنع الحضانة عند اختلاف الدين: =