للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمِنْهَا: رَدُّ الْحَدِيثِ بِالضَّعْفِ.

قَوْلُهُ: "فَلَوْ نَكَحَتْ أَجْنَبِيًّا سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا؛ لِمَا سَبَقَ فِي الْخَبَرِ"، يَعْنِي: الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ؛ فَإِنَّ فِيهِ: "أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي".


= أولاًً: بما رواه النسائي في حديث التخيير المتقدم، ووجهوا دلالة الحديث لمذهبهم، بأن دعاء الرسول للصغير بالهداية حين اختار أمه الكافرة دليل على أن اختياره كان على خلاف هدي الله الذي أراد لعباده فلو كان للأم حق لترك الأمر على ما كان. لكن ابطال الرسول اختياره بدعائه دليل عدم استحقاق الأم في الحضانة إذا خالفت الرضيع في دينه.
ونوقش: بأن ذلك التخيير لا يخلو عن تشريع، إذ لو كان خالياً منه لما خيرها الرسول، وإذا كان هناك تشريع فلا شيء سوى كون الأم لها.
وأجيب: بأن ذلك التخيير قد يكون من باب التشريع للأمة، ولبيان أن الأم الكافرة لا حق لها في حضانة طفلها المسلم وإن وجد ميل من الصغير إلى أمه.
واستدلوا ثانياً: بأن الحضانة من أقوى أسباب الولاية فلا يثبت للأم الكافرة على ولدها عندما يكون مسلماً، لأن الله قطع الموالاة بين المسلم والكافر، ولهذا لا تثبت ولاية مال أو نكاح لأب كافر على ابن مسلم، ثم الكافر فوق الكافر. والفسق مانع للأم من حضانتها، لأولى إذا كانت كافرة إذا يعظم الضرر ويشتد الخطر.
واستدلوا ثالثاً: إن في حضانة الكافرة للطفل المسلم إلحاق ضرر للطفل في دينه لأنها حريصة على تنشئته على دينها ليكون إلى جانبها دائماً، ثم عند كبره يصعب عليه التحول عن الدين الذي عرفه وليداً وتربى على تقاليده يافعاً. وكيف يرجع تحوله إلى الإسلام وقد انتقش دين أمه في عقله ورسخ في صدره. وهذا وأيم الله في غاية البعد. من أجل هذا كان كفر المرأة مانعاً لها من حضانتها لولدها المسلم لأن هذا هو الأنظر للصغير.
ونوقش: بأن المذكور في الدليل أمور محتملة الوقوع وعدمه، فأما الشفقة التي طبعت عليها الأم الباعثة على النظر في جميع الأحوال فهي محققة لا يعارض المحتمل محققاً.
وأجيب: بأن الأمور المذكورة وإن كانت محتملة إلا أنها راجحة فقاربت المحقق وأشبهته. والشفقة في جهة وحرص الأم على أن يكون ولدها على دينها وإلى حانبها في جهة أخرى، ومع ذلك فهي ترى أن الأخير باب من أبواب الشفقة، ثم إذا كان هلاك الدين أعظم من هلاك البدن. والحيطة فيه مطلوبة كان جانب الدين أولى بالنظر من غيره إقامة للمعنى الذي شرعت لأجله الحضانة.
واستدل ابن حزم: بقوله تعالى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [لأنفال: ٧٥] . وجه الدلالة: أن الله تعالى يقرر أحقية ذي الرحم برحمه من غير نظر لدينه، وكان مقتضى الآية أن يكون ذلك على عمومه بممعنى أن الأم الكافرة تكون أحق بولدها في الحضانة إلى انتهاء مدتها وهي بلوغ الفضل مبلغ الاستفتاء، لكن لما ورد قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣] . كانت تلك المدة هي مدة الرضاع ومدة الحضانة الضرورية عندما يختلف الدين بين الحاضن والمحضون، إذ لا ضرر يحديث في هذه السن ويقع على الصغير لعدم فهمه وعقله الشيء.
ونوقش: بأن الله سبحانه لما قطع الموالاة بين المسلمين والكفار فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الممتحنة: ١٣] كانت هذه دليل تخصيص الآية الأخرى وهي =

<<  <  ج: ص:  >  >>