للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول الشيخ: (ولا يجب على الولد طاعتُهما في كل ما يأمران به):

مسلّم. لكن فيما يتعلق بحقوقهما: يجب على الولد طاعتهما، فإذا أمراه بالإقامة -مع إسلامهما- عن سفر الجهاد، وجب عليه ذلك؛ وإذا نهياه عنه حرُم عليه ذلك. وإذا خالف في ذلك أَمْرَهما أو نَهْيَهما، كان عاقًّا.

وقوله: (وقد ساوى الوالدان: الرقيقَ في النفقة والسكنى):

كلامٌ عجيبٌ! لأن ذلك واجبٌ لهما إكرامًا وإجلالًا؛ وواجبٌ للرقيق: للمِلْك القائم المقتضي للاستخدام، وعدم الاستقلال بالكسب. فكيف يُذكر هذا مع هذا؟!

ولو سَمِع الوالدان بمثل هذا لأنكراه! وما كان يَرْضَى الشيخ الإمام من أولاده، أن يُذكر له ذلك! وذكرُ ذلك للوالد عقوقٌ له (١) (٢).


= فهو حرامٌ في حقهما، بل أعظم حرمة كما نبه إليه البلقيني في تعليقه. وهكذا في مقابل ذلك: ما يجب لغير الوالدين من الأدب والسلوك، لا شك أنه سيكون واجبًا -بل آكد في الوجوب- للوالدين. ولا صلةَ هنا لمسألة النفقات بموضوع الكلام، ولذا لا يظهر وجهٌ لهذا الإيراد من البلقيني على الشيخ ابن عبد السلام.
(١) إنما قال الشيخ ابن عبد السلام هذه العبارة وهي: (وقد ساوى الوالدان: الرقيقَ في النفقة والسكنى) لمجرد بيان أن ما يجب للأجانب فهو واجب للوالدين، فأراد أن يمثّل لذلك بمثال توضيحي، وهو أن النفقة والكسوة والسكنى واجبة للرقيق -مثلًا- وحقٌّ من حقوقه، وهكذا هي واجبة للوالدين أيضًا، وحقٌّ لهما. فمقصود الشيخ -رحمه الله- لا غبار عليه، وهو بيان التسوية بين الوالدين وغيرهما في هذه الأشياء من حيث مجرد وجوبها الشرعي فقط، دون النظر إلى تفاصيل كونها واجبة للوالدين من جهة الإكرام، ولغيرهما من جهة أخرى. وما إخال أن ذلك غائب عن نظر الشيخ الإمام ابن عبد السلام -رحمه الله-، لكن يبقى مع ذلك أن التعبير بهذه الصيغة في حق الوالدين، قد يكون غيرَ مرضيّ، وذلك ما حفز البلقيني -رحمه الله- إلى التنبيه على عدم استحسان استعماله في حق الوالدين، والله أعلم.
(٢) هنا في هامش المخطوط نص (بلاغ)، كتبه الناسخ لقراءته لهذا الكتاب على شيخه =

<<  <   >  >>