وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب ١: ٢٧٤ (ويؤخّرها، أي: ويؤخّر المُحرم صلاته وجوبًا لخوف فوات الوقوف لو صلى متمكنًا، ويقف ... ، لأن قضاء الحج صعب بخلاف الصلاة، وقد عَهِدنا تأخيرها بما هو أسهل من مشقة الحج كتأخيرها للجمع. ولا يصلّيها، أي: صلاةَ شدة الخوف). (١) قول البلقيني - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الوجه (وهو أن المُحرم في الصورة المذكورة يشتغل بأداء الصلاة أولًا وإن فاته الوقوف بعرفة): أن هذا هو ما صححه الشيخان الرافعي والنووي كلاهما، ليس كذلك أيضًا، بل قد اختلف تصحيح كل منهما كما يُلحظ من النص المتقدم من (المجموع) للنووي، فالذي صحح هذا الوجه هو الرافعي فقط، فقد جاء في كتابه العزيز في شرح الوجيز ٤: ٦٤٩ - ٦٥٠: (المُحرمُ إذا ضاق وقت وقوفه بعرفة وخاف فوت الحج لو صلى متمكنًا، ما الذي يفعل)؟ ثم حكى الرافعي فيه ثلاثة أوجه، وهي: ((أحدها): أنه يؤخر الصلاة، فإن قضاءها هين، وأمر الحج خطير وقضاؤه عسير. (والثاني): أنه يقيمها كما تقدم في شدة الخوف. ويُحتمل فيها العذر ... (والثالث): أنه تلزمه الصلاة على سبيل التمكن والاستقرار، لأن الصلاة تِلْوُ الإيمان، ولا سبيل إلى إخلاء الوقت عنها لعظم حرمتها، ولا سبيل إلى إقامتها كما تقام في شدة الخوف ...). قال الرافعي: (ويشبه أن يكون هذا الوجه أوفق لكلام الأئمة). فهذا ترجيح الرافعي للوجه الثالث، وهو أن هذا المُحرِم يشتغل بأداء الصلاة أولًا وإنْ فاته الوقوف بعرفة. أما النووي فقد صحح القول بعكس ذلك تمامًا أي بتأخير الصلاة بالكلية وتقديم إدراك الوقوف بعرفة وإن فاتته الصلاة. وقد سبقت نصوصه التي نقلتُها قبل قليل من (المجموع) وغيره. =