وفي فتح الباري ٥: ٣٤٨ (ومما ظهر من مصلحة الصلح المذكور ... أنه كان مقدمةً بين يدي الفتح الأعظم الذي دخل الناس عَقِبَهُ في دين الله أفواجًا، وكانت الهدنة مفتاحًا لذلك ... وكان في الصورة الظاهرة ضَيْمًا للمسلمين، وفي الصورة الباطنة عزًّا لهم، فإن الناس لأجل الأمن الذي وقع بينهم: اختلط بعضهم ببعض من غير نكير، وأَسمَع المسلمون المشركين القرآنَ، وناظروهم على الإسلام جهرةً آمنين، وكانوا قبل ذلك لا يتكلمون عندهم بذلك إلا خفية، وظهر من كان يُخفي إسلامه، فذَلّ المشركون من حيث أرادوا العزة، وأُقهِروا من حيث أرادوا الغلبة). هذا، وقال العلماء في توجيه قول عمر: (فعلامَ نُعطي الدنيّة في ديننا) أنه لم يكن كلامه المذكور شكًّا منه - رضي الله عنه -، بل الذي يظهر أنه توقّفٌ منه ليقف على الحكمة في القصة، وتنكشف عنه الشبهة. ينظر فتح الباري ٥: ٣٤٨ ومرقاة المفاتيح ٧: ٥٦٩. (١) رواه البخاري ٢: ٩٧٤ (٢٥٨١) من حديث عروة عن المِسوَر بن مَخْرَمة ومروان بن الحكم، بلفظ: (والذي نفسي بيده لا يسألونني خطةً يعظّمون فيها حرمات الله إلا أعطيتُهم إياها). ورواه ابن أبي شيبة في المصنف ٧: ٣٨٧ من حديث عروة بن الزبير مرسلًا بلفظ (والله لا يدعوني اليوم إلى خطة يعظّمون فيها حرمة، ولا يدعوني فيها إلى صلة، إلا أجبتُهم إليها)، وهو قريب من اللفظ الذي ذكره المصنف البلقيني -رحمه الله-. (٢) أي: في فصل اجتماع المفاسد المجردة عن المصالح).