للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقرب إلى الله بعمل ما، فإن هذا المقتضى موجود في حياته - صلى الله عليه وسلم - فتركه لهذا الفعل مع وجود مقتضاه يدل على أن المشروع هو الترك، وبعبارة أخرى: ألا يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفعل مع وجود الداعي إليه، كالأذان لصلاة العيد، فإنها - أي صلاة العيد - مشروعة أن تؤدى في جماعة، وهذا يحتاج إلى نوع من الإعلام بها، والمعهود في الصلاة أن يكون الإعلام بها بالأذان، ومع كل هذا فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بالأذان لصلاة العيد، فهذا سكوت عن فعل، وترك لعمل مع وجود الداعية إليه، وفيه دلالة على أن عدم الأذان لصلاة العيج سنة تركية.

وفي الحقيقة أن كل البدع التي يحدثها المخترع في الأقوال أو الأفعال أو الاعتقادات تدخل تحت هذا المعنى، من قريب أو من بعيد إذ غاية ما يرجوه المبتدع ببدعته تحصيل قربة، وزيادة أجر ومثوبة بعمل يعتقد أنه مشروع، وهو ليس كذلك.

وكل هذه مقتضيات موجودة في عهده - صلى الله عليه وسلم - وواجب عليه أن يبلغ أمته طرق القربات، وأنواع العبادات، وأن يشرع لهم الواجبات والمندوبات، وأن لا يكتم من ذلك أي شيء، وقد فعل - بأبي هو وأمي - فلم يكتم شيئاً مما أمر ولم يسكت عن خير يقربنا من ربنا سبحانه، وهو معصوم - صلى الله عليه وسلم - من الكتمان وقت الحاجة، مع حرصه على خير أمته في العاجل والآجل، ووقته وقت تشريع ووحي وبيان ...

فإذا علم هذا واستقر، تبين أن كل أمر عبادي يراد به القربة من الله وهو مقتضى عام موجود في عهده - صلى الله عليه وسلم - وليس هناك مانع من عمل هذا الأمر العبادي، ومع ذلك لم بعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يشرعه، فإن ذلك دليل على تركه هو المطلوب، وهو السنة وأن فعله هو المنهي عنه وهو الابتداع.

<<  <  ج: ص:  >  >>