قال الشاطبي في الموافقات:(أن يسكت عنه - أي الشارع - وموجبه المقتضي له قائم، فلم يقرر فيه حكم عند نزول النازلة زائد على ما كان في ذلك الزمان، فهذا الضرب السكوت فيه كالنص، على أن قصد الشارع ألا يزاد فيه ولا ينقص؛ لأنه لما كان هذا المعنى الموجب لشرع الحكم العملي موجوداً، ثم لم يشرع الحكم دلالة عليه، كان ذلك صريحاً في أن الزائد على ما كان هنالك بدعة زائدة، ومخالفة لما قصده الشارع، إذ فهم من قصده الوقوف على ما حد هنالك، لا الزيادة عليه والنقصان منه) .
وخرج بشرط انتفاء المانع: سكوته وتركه للفعل من أجل مانع، كتركه - صلى الله عليه وسلم - صلاة التراويح جماعة مخافة أن تفرض على أمته، فلما توفاه الله إليه زال المانع، وانتفى هذا المحذور، وكذلك تركه - صلى الله عليه وسلم - جمع القرآن في مصحف واحد، من أجل نزول الوحي، فلما توفي زال هذا المانع..
فلا يعتبر الترك الذي كان بسبب مانع من السنة التركية.
قال شيخ الإسلام في معنى هذا الحد ومحترزاته: (.. فأما ما كان المقتضي لفعله موجوداً لو كان مصلحة، وهو مع هذا لم يشرعه، فوضعه تغيير لدين الله، وإنما دخل فيه من نسب إلى تغيير الدين من الملوك والعلماء والعباد أو من زل منهم باجتهاد - إلى أن قال - فمثال هذا القسم: الأذان في العيدين، فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء أنكره المسلمون، لأنه بدعة، فلو لم يكن كونه بدعة دليلاً على كراهته، وإلا لقيل هذا ذكر الله، وداء للخلق إلى عبادة الله، فيدخل في العمومات كقوله تعلى:[اذكروا الله ذكراً كثيراً] ، وقوله تعالى:[ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله] ، أو يقاس على الأذان في الجمعة، فإن الاستدلال على حسن الأذان في العيدين أقوى من الاستدلال على حسن أكثر