البدع، بل يقال: ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع وجود ما يعتقد مقتضياً وزوال المانع سنة، كما أن فعله سنة، فلما أمر بالأذان في الجمعة وصلى العيدين بلا أذان ولا إقامة، كان ترك الأذان فيهما سنة، فليس لأحد أن يزيد في ذلك، بل الزيادة في ذلك كالزيادة في أعداد الصلوات أو أعداد الركعات، أو صيام الشهر أو الحج، فإن رجلاً لو أحب أن يصلي الظهر خمس ركعات، وقال: هذا زيادة عمل صالح، لم يكن له ذلك، وكذلك لو أراد أن ينصب مكاناً آخر يقصد الدعاء لله فيه وذكره لم يكن له ذلك، وليس له أن يقول هذه بدعة حسنة، بل يقال له: كل بدعة ضلالة، ونحن نعلم أن هذا ضلالة قبل أن نعلم نهياً خاصاً عنها، أو نعلم ما فيها من المفسدة، فهذا مثال لما حدث مع قيام المقتضي له وزوال المانع لوكان خيراً فإن كل ما يبديه المحدث لهذا من المصلحة أو يستدل به من الأدلة قد كان ثابتاً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومع هذا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا الترك سنة خاصة مقدمة على كل عموم وكل قياس) .
أما إذا سكت الشارع أو ترك الفعل ولا داعية له مقتضية، ولا موجب يقرر لأجله، ولا وقع سبب يوجب تقريره، وليس هناك مانع شرعي من فعله فلا يخلو من أحد حالين:
الأول:
أن يكون هذا المتروك أو المسكوت عنه من العبادات المحضة التي لا يعقل معناها على التفصيل، فلا يجوز فعل هذا المتروك لأن فعله هو عين الابتداع ...
وسبب ذلك أنه وإن توهم فاعله أن هذا النوع مما يسكت عنه الشارع، وتركه عفواً، فإن الأمر بخلاف ذلك تماماً، إذ غاية ما يسعى إليه المبتدع في هذا النوع أن يحصل على مزيد قربة بتعبده بهذا العمل، وهذا المعنى موجود في وقت