التي تدخل تحت حيز العمل والتنفيذ والتطبيق, سواء كانت هذه الأعمال من العبادات المحضة كالصلاة والصوم والحج والذكر والدعاء, أو من المعاملات كالبيع والشراء, أو من العادات كالأكل والشرب واللباس ... وقد حصلت البدع في كل هذه الأصناف كما سبق الإشارة إليه, وكما سيأتي في الفصل اللاحق بإذن الله.
إلا أن من الجدير بالذكر هنا (أن البدع في أبواب العبادة والإدارة أكثر من البدع في أبواب الاعتقاد والقول, لأن الإرادة يشترك فيها أكثر الناس, أكثر من اشتراكهم في القول, لأن القول لا يكون إلا بعقل, والنطق من خصائص الإنسان, وأما جنس الإرادة فهو مما يتصف به كل الحيوان, فما من حيوان إلا وله إرادة, وهؤلاء اشتركوا في إرادة التأله, لكن افترقوا في المعبود وفي عبادته ... ) .
والمراد أن البدع الكثيرة التي حصلت في زمن التابعين وتابعيهم كان غالبها في الاعتقادات كالخوارج, والمعتزلة, والشيعة, والقدرية....
والبدع التي حصلت في المتأخرين من العباد والزهاد والفقراء, والصفوية لم يكن عامتها في زمن التابعين وتابعيهم, وأهلها أجهل من أولئك الذين كانوا في عهد التابعين, وأبعد عن متابعة الرسول فأتوا بطريق في العبادة والسلوك والأقوال, فيها من الضلال والجهل والبعد عن الدين ما ليس في بدع المبتدعة الذين كانوا في عهد التابعين, إذ الشبه فيها أقوى وأهلها أعقل, وأما المتأخرون فأهلها أجهل وبدعهم أضل, وإن كان فيهم من الزهد والعبادة والأخلاق ما لا يوجد في أولئك من الكبر والبخل والقسوة.. وكلهم سواء في باب الابتداع والافتئات على الشرع, والمتأخرون أصحاب البدع العملية فيهم شبه من النصارى وأولئك فيهم شبه من اليهود.
ولا ريب أنه كلما قرب الناس من عهد الرسول-صلى الله عليه وسلم- كانت