بدعهم الاعتقادية والعملية أخف, وكلما بعدوا كانت بدعهم أشد, ولذلك وجد في المتأخرين من المبتدعة في أبواب العبادة والسلوك من يدعي الألوهية والحلول والإتحاد ومن يدعي أن أفضل من الرسول-صلى الله عليه وسلم- وأنه مستغن عن الرسول, وأن لهم طريقاً طريق المسلمين وهذا ليس من جنس بدع المسلمين بل من جنس بدع الملاحدة من المتفلسفة.
ومما ينبغي ذكره عند الكلام عن البدع الفقهية أن الصحابة-رضوان الله عليهم- حصل بينهم تنازع في دقائق وفروع مسائل الأحكام, والمنقول من خلافهم في المسائل الفقهية كثير, بينما لم يختلفوا في مسائل العقائد إلا في أشياء قليلة محصورة, ومعدودة ضمن المسائل التي يدخلها الاجتهاد ويسوغ فيها الاختلاف ...
وإذا كانت المسائل الحكمية تنقسم إلى قطعي وظني وجليل ودقيق, فكذلك البدع التي تدخلها تختلف مراتبها وأحكامها باختلاف المسائل التي دخل عليها الابتداع, ويكون فيها اختلاف التنوع واختلاف التضاد ...
ويكون فيها ما يبدع فاعله ويعنف عليه, وفيها ما يعذر بالخلاف فيه, وليس بصحيح أن مجرد كون المسألة من المسائل الفقهية أنه يرفع عن المحدث فيها اسم الابتداع, كما أنه ليس بصحيح التبديع في كل مسائل الاختلاف لأنه.. كما سبق- من المسائل العملية ما يعد من أصول الدين وهو ما عبر عنه شيخ الإسلام بالجليل الكبير من هذه المسائل, أو ما يمكن أ، يعرف بأنه المعلوم من الدين بالضرورة, أو كما قال شيخ الإسلام:(ومن الناس من يجعل أصول الدين لكل ما اتفقت فيه الشرائع مما لا ينسخ ولا يغير سواء كان علمياً أو عملياً ... ) .
وهو ما يرجحه شيخ الإسلام وينسبه لأغلب أهل الحديث والتصوف وأئمة الفقهاء وطائفة من أهل الكلام.