وكيف يظن بالشريعة أنها تبيح شيئاً لحاجة المكلف ومصلحته, ثم تحرم ما هو أحوج إليه والمصلحة في إباحته أظهر, وهذا من أمحل المحال-إلى أن قال- وقد فطر الله سبحانه عباده على أن حكم النظير حكم نظيره, وحكم الشيء حكم مثله, وعلى إنكار التفريق بين المتماثلين, وعلى إنكار الجمع بين المختلفين, والعقل والميزان الذي أنزله الله سبحانه شرعاً وقدراً يأبى ذلك ... ) .
ثم ذكر -رحمه الله- بعض الأغلاط التي وقع فيها نفاة القياس, فمنها إخراج بيع الرطب بالتمر من مسمى الربا ...
وإخراج الشاهد مع اليمين من لفظ البينة, ومثله إخراج شهادة العبيد العدول الصادقين المقبولي القول على الله ورسوله, وشهادة النساء منفردات في المواضع التي لا يحضرهن فيها الرجال كالأعراس وشهادة الأعمى على ما يتقنه ...
ومنها قولهم: إذا بال جرة من بول وصبها في الماء لم تنجسه, وإذا بال في الماء نفسه ولو أدنى شيء نجسه.
وقولهم: لو وقع الكلب والخنزير بكماله, أو أي ميتة كانت في أي ذائب كان من زيت, أو خل, أو دبس ألقيت الميتة فقط, وكان ذلك المائع حلالاً طاهراً كله, فإن وقع ما عدا الفأرة في السمن من كلب أو خنزير, أو أي نجاسة كانت فهو طاهر حلال ما لم يتغير.
ويتبين أن هذه الفروع التي انبنت على إبطال القياس, والوقوف المحض مع ظواهر النصوص, من الأغلاط التي وقع فيها هؤلاء بسبب طردهم نفي القياس, وتركهم الاعتماد عليه,
قال ابن القيم- بعد أن ذكر مؤيدي القياس: - (الفرقة الثانية: قابلت هذه الفرقة, وقالت: القياس كله باطل محرم في الدين, ليس منه, وأنكروا القياس الجلي