للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعَمْ يُخْتَصَرُ فَيُقَالُ الْإِيجَابُ اقْتِضَاءُ الْفِعْلِ الْجَازِمِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ وَسَيَأْتِي حَدُّ الْأَمْرِ بِاقْتِضَاءِ الْفِعْلِ وَالنَّهْيُ بِاقْتِضَاءِ الْكَفِّ كَمَا يُحَدَّانِ بِالْقَوْلِ الْمُقْتَضِي لِلْفِعْلِ وَلِلْكَفِّ فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ هُنَا بِمَا عَدَا الْإِبَاحَةِ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِيمَا سَيَأْتِي بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ

ــ

[حاشية العطار]

حَقِيقَةً أَنَّهَا مُحَقَّقَةُ الْوُجُود خَارِجًا إمَّا بِوُجُودِ أَفْرَادِهَا فِي الْخَارِجِ أَوْ بِوُجُودِهَا نَفْسِهَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُودِ الْكُلِّيِّ الطَّبِيعِيِّ وَهَذِهِ الْمَاهِيَّاتُ تَعَارِيفُهَا تُكَوِّنُ حُدُودًا وَرُسُومًا فَمَا كَانَ بِالذَّاتِيَّاتِ فَحَدٌّ أَوْ بِالْعَرَضِيَّاتِ فَرَسْمٌ وَتُسَمَّى هَذِهِ حُدُودًا وَرُسُومًا حَقِيقِيَّةً.

وَأَمَّا الْمَاهِيَّاتُ الِاعْتِبَارِيَّةُ كَحَقَائِقِ الْأُمُورِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ كَمَا هُنَا فَلَهَا حُدُودٌ وَرُسُومٌ أَيْضًا وَتُسَمَّى حُدُودًا وَرُسُومًا اسْمِيَّةً لِأَنَّهَا بِحَسَبِ الِاسْمِ ثُمَّ إنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى ذَاتِيَّاتِ الْمَاهِيَّاتِ الْحَقِيقِيَّةِ وَعَرَضِيَّاتِهَا وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَهَا عَسِرٌ جِدًّا وَاصِلٌ إلَى حَدِّ التَّعَذُّرِ كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَةِ الشَّمْسِيَّةِ عَنْ ابْنِ سِينَا وَذَلِكَ لِاشْتِبَاهِ الْجِنْسِ بِالْعَرَضِ الْعَامِّ وَالْفَصْلِ بِالْخَاصَّةِ.

وَأَمَّا الْمَاهِيَّاتُ الِاعْتِبَارِيَّةُ فَأَمْرُ الْفَرْقِ سَهْلٌ لِأَنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ النَّقْلُ عَنْ الْوَاضِعِ فَمَا اعْتَبَرَهُ دَاخِلًا فِي مَفْهُومِ الْمُسَمَّى الَّذِي وُضِعَ لَهُ الِاسْمُ فَذَاتِيٌّ وَمَا لَا فَعَرَضِيٌّ وَبَقِيَّةُ الْكَلَامِ فِي كُتُبِ الْمَنْطِقِ وَالْمَسْأَلَةُ شَهِيرَةٌ فَكَيْفَ خَفِيَ عَلَى الشَّيْخِ الْحَالُ حَتَّى قَالَ مَا قَالَ وَتَفْسِيرُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْكَمَالِ الْمُمَيِّزُ لِتَعَلُّقِ الِاقْتِضَاءِ بِالْفِعْلِ وَتَعَلُّقِهِ بِالتَّرْكِ وَتَعَلُّقِ التَّخْيِيرِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَتَفْسِيرُ الْمَاهِيَّةِ بِمَاهِيَّةِ الْحُكْمِ فَغَيْرُ دَافِعٍ لِاعْتِرَاضِ الشِّهَابِ أَيْضًا لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْخِطَابِ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ الْحُكْمِ عِنْدَ الشَّارِحِ وَالْمُصَنِّفِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ فَلَيْسَ خَارِجًا عَنْ مَاهِيَّتِه.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ يُخْتَصَرُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ الدَّافِعِ لِلِاعْتِرَاضِ دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِوَجْهٍ فَبَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ اخْتِصَارُ حُدُودِ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ فَكَيْف يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ آخِرَ الْكِتَابِ إنَّ اخْتِصَارَهُ مُتَعَذِّرٌ وَرَوْمُ النُّقْصَانِ مِنْهُ مُتَعَذِّرٌ.

(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي) مَقْصُودُهُ بِهَذَا بَيَانُ مُسَاوَاةِ الْمَحْدُودِ هُنَا مِمَّا عَدَا الْإِبَاحَةَ لِلْمَحْدُودِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي الْمَعْنَى فَمُسَاوَاةُ التَّعَارِيفِ هُنَا لِلتَّعَارِيفِ بَعْدَ تَوْجِيهِ التَّعْبِيرِ عَنْ الْمَحْدُودِ هُنَا بِالْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى وَفِيمَا بَعْدُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا يُحَدَّانِ) أَيْ كَمَا يُحَدُّ الْأَمْرُ بِالْقَوْلِ الْمُقْتَضِي لِلْفِعْلِ وَالنَّهْيِ بِالْقَوْلِ الْمُقْتَضِي لِلْكَفِّ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ مُلَاحَظَةُ كُلٍّ عَلَى حِدَتِهِ وَإِفْرَادُهُ بِتَعْرِيفٍ يَخُصُّهُ فِي قَوْلِهِ وَسَيَأْتِي حَدُّ الْأَمْرِ إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَالْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيعُ أَعْنِي قَوْلَهُ فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ إلَخْ عَلَى التَّوْزِيعِ أَيْضًا فَيَكُونُ الْمَعْنَى فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ هُنَا بِمَجْمُوعِ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِيمَا سَيَأْتِي بِالْأَمْرِ وَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ هُنَا بِمَجْمُوعِ التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِيمَا سَيَأْتِي بِالنَّهْيِ وَإِنَّمَا أَجْمَلَ الشَّارِحُ إيثَارَ الِاخْتِصَارِ مَعَ وُضُوحِ الْمُرَادِ.

(قَوْلُهُ: فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ هُنَا) أَشَارَ بِالْفَاءِ إلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا نَتِيجَةُ مَا قَبْلَهَا مِنْ حَدِّ الْإِيجَابِ وَأَخَوَاتِهِ هُنَا بِالْخِطَابِ الْمُقْتَضِي وَبِالِاقْتِضَاءِ وَحَدِّ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِيمَا يَأْتِي بِالِاقْتِضَاءِ وَحَدِّهِمَا بِالْقَوْلِ الْمُقْتَضِي الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْخِطَابِ الْمُقْتَضِي وَهُوَ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ لِأَنَّ اتِّحَادَ الْحَدِّ يُوجِبُ اتِّحَادَ الْمَحْدُودِ ثُمَّ الْمُنَاسِبُ لِسِيَاقِهِ السَّابِقُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى التَّوْزِيعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمَحْدُودَ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِمَجْمُوعِ لَفْظَيْ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ هُوَ عَيْنُ الْمَعْنَى الْمَحْدُودِ الْمُعَبَّر عَنْهُ فِيمَا سَيَأْتِي بِلَفْظِ الْأَمْرِ وَالْمَعْنَى الْمَحْدُودُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ هُنَا بِمَجْمُوعِ أَلْفَاظِ التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى هُوَ عَيْنُ الْمَعْنَى الْمَحْدُودِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِيمَا سَيَأْتِي بِلَفْظِ النَّهْيِ وَاعْتَرَضَ النَّاصِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>