فَلِمَ لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي لُغَةٍ، أَيْ: لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلُ أَيْ الْجَوَازَ الْأَظْهَرُ فِي أَوَّلِ النَّظَرِ.
وَالثَّانِي حَقٌّ (وَ) خِلَافًا (لِلْبَيْضَاوِيِّ وَ) الصَّفِيِّ (الْهِنْدِيُّ) فِي نَفْيِ مَا ذَكَرَ (إذَا كَانَا) ، أَيْ: الرَّدِيفَانِ (مِنْ لُغَتَيْنِ) لِمَا تَقَدَّمَ أَمَّا مَا تَعَبَّدَ بِلَفْظِهِ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عِنْدَنَا لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا فَلَا يَقُومُ مُرَادِفُهُ مَقَامَهُ لِعُرُوضِ التَّعَبُّدِ، وَيَكُنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ تَامَّةٌ فَتَعَبُّدٌ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ فَاعِلُهَا وَضَمِيرُ بِلَفْظِهِ لِلْآخَرِ.
(مَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكُ) ، وَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ الْمُتَعَدِّدُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ (وَاقِعٌ) فِي الْكَلَامِ جَوَازًا (خِلَافًا لِثَعْلَبٍ وَالْأَبْهَرِيِّ وَالْبَلْخِيِّ) فِي نَفْيِهِمْ وُقُوعَهُ (مُطْلَقًا) قَالُوا، وَمَا يُظَنُّ مُشْتَرَكًا، فَهُوَ إمَّا حَقِيقَةٌ، وَمَجَازٌ، أَوْ مُتَوَاطِئٌ كَالْعَيْنِ حَقِيقَةٌ فِي الْبَاصِرَةِ، وَمَجَازٌ فِي غَيْرِهَا كَالذَّهَبِ لِصَفَائِهِ، وَالشَّمْسِ لِضِيَائِهَا وَكَالْقُرْءِ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْحَيْضِ، وَالطُّهْرِ، وَهُوَ الْجَمْعُ مِنْ قَرَأْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ، أَيْ: جَمَعْته فِيهِ، وَالدَّمُ يَجْتَمِعُ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ فِي الْجَسَدِ وَفِي زَمَنِ الْحَيْضِ فِي الرَّحِمِ.
وَمَا هُنَا عَنْ الثَّلَاثَةِ أَقْرَبُ مِمَّا فِي شَرْحَيْ الْمُخْتَصَرِ، وَالْمِنْهَاجِ أَنَّهُمْ أَحَالُوهُ (وَ) خِلَافًا (لِقَوْمٍ) فِي نَفْيِهِمْ وُقُوعَهُ (فِي الْقُرْآنِ قَبْلُ، وَالْحَدِيثِ) اأَيْضًا قَالُوا لَوْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ
ــ
[حاشية العطار]
فَالتَّقْدِيرُ يَصِحُّ وُقُوعُ كُلِّ رَدِيفٍ مِنْ كُلِّ رَدِيفَيْنِ مَكَانَ الرَّدِيفِ الْآخَرِ وَحَاوَلَ الشَّارِحُ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي لُزُومِ الصِّحَّةِ لَا فِي الصِّحَّةِ فِي الْجُمْلَةِ؛ إذْ الصِّحَّةُ فِي الْجُمْلَةِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا خِلَافٌ وَلَمْ يَسْتَقِمْ قَوْلُهُمْ لَوْ صَحَّ لَصَحَّ خداي أَكْبَرُ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا عَقَلَ ذَلِكَ) ، أَيْ: نَفْيَ الصِّحَّةِ، أَيْ: فَهِمْت عِلَّتَهُ.
(قَوْلُهُ: فَلِمَ لَا يَجُوزُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يُنْتِجُ الْجَزْمَ بِنَفْيِ الْوُقُوعِ عَلَى أَنَّ الْفَارِقَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ اتِّحَادُ الْمَوْضُوعَاتِ وَاخْتِلَافُهَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ: لَا مَانِعَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ إنْكَارِيٌّ وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِ النَّظَرِ، أَيْ: بِحَسَبِ النَّظْرَةِ الْأُولَى لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، وَالثَّانِي الْحَقُّ.
(قَوْلُهُ: لِعُرُوضِ التَّعَبُّدِ إلَخْ) إشَارَةٌ مِنْ الشَّارِحِ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ قَيْدَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَعَبَّدَ مَا ضَرَّ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي صِحَّةِ الْوُقُوعِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَهَذَا لِمَانِعٍ عَارِضٍ، وَالْكَلَامُ فِي الصِّحَّةِ اللُّغَوِيَّةِ لَا مِنْ حَيْثُ الْجَوَازُ شَرْعًا وَعَدَمُهُ فَلِذَلِكَ قَالَ الْعِرَاقِيُّ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مَسْأَلَةِ جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى وَعَدَمِهَا.
(قَوْلُهُ: وَيَكُنْ تَامَّةٌ) لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ، بَلْ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ نَاقِصَةً وَاسْمُهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ إلَى الرَّدِيفِ وَتُعُبِّدَ فِعْلٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ.
[مَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ الْمُتَعَدِّدُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ]
(قَوْلُهُ: جَوَازًا) الْمُرَادُ بِهِ الْإِمْكَانُ الْخَاصُّ، وَهُوَ سَلْبُ الضَّرُورَةِ عَنْ الطَّرَفَيْنِ فَتَكُونُ الْقَضِيَّةُ مُمْكِنَةً خَاصَّةً وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ حَسُنَ التَّقَابُلُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ الْآتِيَةِ فَقَوْلُهُ خِلَافًا لِثَعْلَبٍ مُقَابِلُ الْوُقُوعِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ وَاجِبٌ مُقَابِلُ الْجَوَازِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ مُمْتَنِعٌ يُقَابِلُ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ لَا يَقَعُ.
(قَوْلُهُ: قَالُوا، وَمَا يُظَنُّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا، أَوْرَدَ عَلَيْهِمْ بِالْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَمُحَصِّلُهُ مَنْعُ كَوْنِهَا مِنْهُ بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُتَوَاطِئٌ) فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا كَالْإِنْسَانِ الْمَوْضُوعِ لِلْأَمْرِ الْكُلِّيِّ الَّذِي اسْتَوَتْ أَفْرَادُهُ فِي مَعْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: كَالْعَيْنِ) مِثَالٌ لِمَا هُوَ حَقِيقَةٌ، وَمَجَازٌ وَقَوْلُهُ كَالذَّهَبِ، وَالشَّمْسِ مِثَالَانِ لِقَوْلِهِ غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ لِصِفَاتِهِ وَلِضِيَائِهِ إشَارَةٌ لِلْجَامِعِ فَيَكُونُ مَجَازَ اسْتِعَارَةٍ وَقَوْلُهُ وَكَالْقُرْءِ مِثَالٌ لِلْمُتَوَاطِئِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى كَالْعَيْنِ وَأَعَادَ الْكَافَ؛ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْمُتَوَاطِئِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ لِلْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ (قَوْلُهُ:، وَهُوَ الْجَمْعُ) قَالَ سم الْجَمْعُ لَا يَصْدُقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْحَيْضِ، وَالطُّهْرِ؛ إذْ الْحَيْضُ الدَّمُ الْمَخْصُوصُ وَخُرُوجُهُ، وَالطُّهْرُ الْخُلُوُّ مِنْ ذَلِكَ اهـ.
وَأُجِيبَ بِتَقْدِيرِ ذَوُو الدَّمِ ذُو الْجَمْعِ، وَالطُّهْرُ كَذَلِكَ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَالدَّمُ يَجْمَعُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَقْرَبُ) ؛ لِأَنَّهُمْ نَفَوْا الْوُقُوعَ وَنَفْيُ الْوُقُوعِ أَعَمُّ مِنْ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ، وَالِاسْتِحَالَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ مُرَادُهُمْ، وَلَكِنَّ الْأَقْرَبَ إلَى نَفْيِ الْوُقُوعِ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ.
(قَوْلُهُ: مِمَّا فِي شَرْحَيْ الْمُخْتَصَرِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ الِاسْتِحَالَةَ مُصَرَّحٌ بِهَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمِنْهَاجِ، أَوْجَبَهُ قَوْمٌ لِوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا وَرَدَّهُمَا، ثُمَّ قَالَ وَأَحَالَهُ آخَرُونَ، ثُمَّ قَالَ، وَالْمُخْتَارُ إمْكَانُهُ وَوُقُوعُهُ اهـ.
فَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِحَالَةِ وَقَعَ فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْقُرْآنِ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] وَقَوْلُهُ {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: ١٧] فَإِنَّهُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ