للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ إضَافَةَ مُجْتَهِدِ إلَى الْأُمَّةِ تُفِيدُ الْعُمُومَ (وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) فَتَضُرُّ مُخَالَفَةُ الْوَاحِدِ (وَثَانِيهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (يَضُرُّ الِاثْنَانِ) دُونَ الْوَاحِدِ (وَثَالِثُهَا) تَضُرُّ (الثَّلَاثَةُ) دُونَ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ (وَرَابِعُهَا) يَضُرُّ (بَالِغُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ) دُونَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ إذَا كَانَ غَيْرُهُمْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ (وَخَامِسُهَا) تَضُرُّ مُخَالَفَةُ مَنْ خَالَفَ (إنْ سَاغَ الِاجْتِهَادُ فِي مَذْهَبِهِ) بِأَنْ كَانَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَجَالٌ كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَدَمِ الْعَوْلِ، فَإِنْ لَمْ يَسَعْ كَقَوْلِهِ بِجَوَازِ رِبَا الْفَضْلِ فَلَا تَضُرُّ مُخَالَفَتُهُ (وَسَادِسُهَا) تَضُرُّ مُخَالَفَةُ مَنْ خَالَفَ وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا (فِي أُصُولِ الدِّينِ) لِخَطَرِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ (وَسَابِعُهَا لَا يَكُونُ) الِاتِّفَاقُ مَعَ مُخَالَفَةِ الْبَعْضِ (إجْمَاعًا بَلْ) يَكُونُ (حُجَّةً) اعْتِبَارًا لِلْأَكْثَرِ.

(وَ) عُلِمَ (أَنَّهُ) أَيْ الْإِجْمَاعُ (لَا يَخْتَصُّ بِالصَّحَابَةِ) لِصِدْقِ مُجْتَهِدِ الْأُمَّةِ فِي عَصْرٍ بِغَيْرِهِمْ (وَخَالَفَ الظَّاهِرِيَّةُ) فَقَالُوا يَخْتَصُّ بِهَا لِكَثْرَةِ غَيْرِهِمْ كَثْرَةً لَا تَنْضَبِطُ فَيَبْعُدُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى شَيْءٍ.

(وَ) عُلِمَ (عَدَمُ انْعِقَادِهِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنْ وَافَقَهُمْ فَالْحُجَّةُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمْ دُونَهُ.

(وَ) عُلِمَ (أَنَّ التَّابِعِيَّ الْمُجْتَهِدَ) وَقْتَ اتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ (مُعْتَبَرٌ مَعَهُمْ) لِأَنَّهُ مِنْ مُجْتَهِدِي الْأُمَّةِ فِي عَصْرٍ (فَإِنْ نَشَأَ بَعْدُ) بِأَنْ لَمْ يَصِرْ التَّابِعِيُّ مُجْتَهِدًا إلَّا بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ (فَعَلَى الْخِلَافِ) أَيْ فَاعْتِبَارُ وِفَاقِهِ لَهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ (فِي انْقِرَاضِ الْعَصْرِ) إنْ اُشْتُرِطَ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلَا.

(وَ) عُلِمَ (إجْمَاعُ كُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) النَّبَوِيَّةِ

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ إضَافَةَ مُجْتَهِدٍ إلَى الْأُمَّةِ تُفِيدُ الْعُمُومَ) ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ فَيَعُمُّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ مُجْتَهِدِي الْأُمَّةِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ " مُجْتَهِدِ " فِي التَّعْرِيفِ مُفْرَدٌ لَا جَمْعَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ غَيْرُهُمْ) أَيْ غَيْرُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا كَانَ أَقَلَّ أَوْ تَعَادَلَا فَلَا إجْمَاعَ قَطْعًا اهـ.

زَكَرِيَّا (قَوْلُهُ: إنْ سَاغَ الِاجْتِهَادُ فِي مَذْهَبِهِ) أَيْ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْحُكْمِ بِأَنْ كَانَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَجَالٌ لِعَدَمِ وُرُودِ نَصٍّ فِيهِ كَالْعَوْلِ إذْ لَا نَصَّ فِيهِ بِخِلَافِ رِبَا الْفَضْلِ لِوُرُودِ النَّصِّ فِيهِ وَهُوَ الْأَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَلَا يُسَوَّغُ الِاجْتِهَادُ مَعَ النَّصِّ اهـ.

نَجَّارِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ اُنْظُرْ لِمَ زَادَ هَذَا هُنَا دُونَ مَا قَبْلَهُ أَيْ وَهُوَ الْخَامِسُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخَامِسِ مَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ تَمْثِيلُهُ بِقَوْلِهِ كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَخْ إذْ لَوْلَا أَنَّهُ تَضُرُّ مُخَالَفَتُهُ وَحْدَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَا صَحَّ التَّمْثِيلُ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَظْهَرِ اهـ. سم.

[الْإِجْمَاعُ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّحَابَةِ]

(قَوْلُهُ: فَيَبْعُدُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى شَيْءٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُسْتَنَدَ الظَّاهِرِيَّةِ مُجَرَّدُ الِاسْتِبْعَادِ لَا دَلِيلٌ خَاصٌّ بِالصَّحَابَةِ وَلَا نُزُولُ دَرَجَةٍ مِنْ بَعْدِ الصَّحَابَةِ عَنْ انْعِقَادٍ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ لِمَا قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ قَوْلَ ابْنِ حَزْمٍ إنَّهُ بَعْدَ عَصْرِ الصَّحَابَةِ لَا يُمْكِنُ أَحَدًا مَعَ سَعَةِ الْأَقْطَارِ بِالْمُسْلِمِينَ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ أَنْ يَضْبِطَ أَقْوَالَهُمْ.

(قَوْلُهُ: إنْ وَافَقَهُمْ) أَيْ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ تَقْرِيرٍ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ وَالْحُجَّةُ فِي قَوْلِهِ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْقَوْلِ فَقَطْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْقَوْلِ الرَّأْيُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقَوْلِ وَغَيْرِهِ أَوْ أَنَّهُ ذَكَرَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ.

(قَوْلُهُ: إجْمَاعُ كُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) أَيْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَأَتَى بِلَفْظِ كُلٍّ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ إجْمَاعَ كُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى انْفِرَادِهِ حُجَّةٌ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ نَقَلَ أَصْحَابُ الْمَقَالَاتِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَرَى اتِّفَاقَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَعْنِي عُلَمَاءَهَا حُجَّةً وَهَذَا مَشْهُورٌ عَنْهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَكَلُّفِ رَدٍّ عَلَيْهِ إنْ صَحَّ النَّقْلُ فَإِنَّ الْبِلَادَ لَا تَعْصِمُ وَالظَّنُّ بِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِمَا نَقَلَ النَّاقِلُونَ عَنْهُ اهـ.

وَفِي فُصُولِ الْبَدَائِعِ لِلْعَلَّامَةِ الْفَنَارِيِّ الْكَبِيرِ الَّذِي هُوَ جَامِعٌ لِكَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ هَذَا الْفَنِّ الْمُعْتَبَرَةِ مَا نَصُّهُ قِيلَ إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَحْدَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَحُمِلَ عَلَى تَقَدُّمِ رِوَايَتِهِمْ أَوْ عَلَى صِحَّةِ إجْمَاعِهِمْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>