للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا تَقَدَّمَ وَلِقُوَّةِ الْمُقَابِلِ هُنَا عَبَّرَ بِالْأَصَحِّ.

(وَمَتَى قَصَّرَ مُجْتَهِدٌ) فِي اجْتِهَادٍ (أَثِمَ وِفَاقًا) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْ بَذْلِهِ وُسْعَهُ فِيهِ.

(مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّاتِ) لَا مِنْ الْحَاكِمِ بِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ اخْتَلَفَ الِاجْتِهَادُ (وِفَاقًا) إذْ لَوْ جَازَ نَقْضُهُ لَجَازَ نَقْضُ النَّقْضِ وَهَلُمَّ فَتَفُوتُ مَصْلَحَةُ نَصْبِ الْحَاكِمِ مِنْ فَصْلِ الْخُصُومَاتِ (فَإِنْ خَالَفَ) الْحُكْمَ (نَصًّا) أَوْ ظَاهِرًا جَلِيًّا وَلَوْ قِيَاسًا وَهُوَ الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ نُقِضَ لِمُخَالَفَتِهِ لِلدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ (أَوْ حَكَمَ) حَاكِمٌ (بِخِلَافِ اجْتِهَادِهِ) بِأَنْ قَلَّدَ غَيْرَهُ نُقِضَ حُكْمُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِاجْتِهَادِهِ وَامْتِنَاعِ تَقْلِيدِهِ فِيمَا اجْتَهَدَ فِيهِ (أَوْ حَكَمَ) حَاكِمٌ (بِخِلَافِ نَصِّ إمَامِهِ غَيْرُهُ مُقَلِّدُ غَيْرِهِ) مِنْ الْأَئِمَّةِ (حَيْثُ يَجُوزُ) لِمُقَلِّدِ إمَامٍ تَقْلِيدَ غَيْرِهِ بِأَنْ لَمْ يُقَلِّدْ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا لِاسْتِقْلَالِهِ فِيهِ بِرَأْيِهِ أَوْ قَلَّدَ فِيهِ غَيْرَ إمَامِهِ حَيْثُ يَمْتَنِعُ تَقْلِيدُهُ

ــ

[حاشية العطار]

مَا بِحَيْثُ يَنْتَقِلُ مِنْهُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ أَمَارَةٌ دُونَ قَوْلِهِ دَلِيلٌ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْمُقَابِلِ السَّابِقِ إشَارَةً إلَى رَدِّ مَا قَالَهُ بِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ أَنَّ عَلَيْهِ دَلِيلًا قَطْعِيًّا وَلَا إثْمَ لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ وَغُمُوضِهِ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ بَذْلِهِ الْوُسْعَ (قَوْلُهُ: وَلِقُوَّةِ الْمُقَابِلِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُقَابِلِ فِيمَا سَبَقَ فَإِنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: عَبَّرَ بِالْأَصَحِّ) أَيْ الْمُشْعِرِ بِالْمُشَارَكَةِ فِي الصِّحَّةِ بِخِلَافِ الْمُقَابِلِ فِيمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: وَمَتَى قَصَّرَ مُجْتَهِدٌ إلَخْ) قَالَ النَّاصِرُ فِي تَسْمِيَةِ الْمُقَصِّرِ مُجْتَهِدًا تَجُوزُ إذْ الِاجْتِهَادُ هُوَ اسْتِفْرَاغُ الْفَقِيهِ الْوُسْعَ إلَخْ أَيْ وَالْمُقَصِّرُ لَمْ يَسْتَفْرِغْ وُسْعَهُ.

وَأَجَابَ سم بِأَنَّ هَذَا الْإِيرَادَ وَهْمٌ مُنْشَؤُهُ تَوَهُّمُ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ هُنَا بِمَعْنَى الْمُسْتَفْرِغِ لِلْوُسْعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْمُتَهَيِّئِ وَهُوَ مَعْنًى آخَرُ لِلْمُجْتَهِدِ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّاتِ]

(قَوْلُهُ: لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الِاجْتِهَادِيَّاتِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ الصُّورَةِ الْآتِيَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ إذَا قَضَى عَلَى عِلْمٍ أَمَّا إذَا قَضَى عَلَى جَهْلٍ فَإِنَّ حُكْمَهُ يُنْقَضُ وَإِنْ صَادَفَ الْحَقَّ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ وَالِدِهِ قَالَ: وَأَمَّا إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ فِي حَادِثَةٍ بِاجْتِهَادِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالنَّصِّ ثُمَّ أَلِفَاهُ كَمَا حَكَمَ بِهِ فَهَذِهِ حَادِثَةٌ وَقَعَتْ بِمَدِينَةِ أَصْبَهَانَ فِي حُدُودِ السَّبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَاسْتُفْتِيَ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَصْبَهَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْخُجَنْدِيُّ فَأَفْتَى بِأَنَّ الْحُكْمَ نَافِذٌ وَاسْتُفْتِيَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ حِينِ وُجُودِ النَّصِّ كَذَا نَقَلَ وَلَدُ أَخِيهِ أَبِي مَنْصُورٍ فِي الْفَتَاوَى الَّتِي جَمَعَهَا مِنْ كَلَامِ عَمِّهِ الْمَعْرُوفَةِ بِفَتَاوَى صَاحِبِ الشَّامِلِ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ غَرِيبَةٌ لَمْ أَجِدْهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْفَتَاوَى، قَالَ الْمُصَنِّفُ وَاَلَّذِي تَرَجَّحَ عِنْدِي مَا قَالَهُ الْخُجَنْدِيُّ فَإِنَّهُ لَمَّا أَعْيَاهُ النَّصُّ جَازَ لَهُ الْعَمَلُ بِاجْتِهَادِهِ فَإِذَا صَادَفَ الصَّوَابَ كَانَ نَافِذًا، وَكَانَ وُجُودُ النَّصِّ سَعَادَةً وَتَوْفِيقًا، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الصَّبَّاغِ يَنْفُذُ مِنْ حِينِ وُجُودِ النَّصِّ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا وَجَدَ النَّصَّ جَدَّدَ الْحُكْمَ بِمُقْتَضَاهُ لِيَكُونَ مُسْتَنِدًا إلَيْهِ فَهُوَ قَرِيبٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ مُتَجَدِّدٍ وَيَكُونُ قَبْلَهُ فَاسِدًا فَلَا وَجْهَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَالَفَ نَصًّا إلَخْ) الْمُرَادُ بِالنَّصِّ مَا يُقَابِلُ الظَّاهِرَ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ الْقَطْعِيُّ وَفِي الظَّاهِرِ الظَّنِّيِّ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي النَّصِّ الْوُجُودُ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ فَإِنْ حَدَثَ بَعْدَهُ وَهُوَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْقَضِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُقَاسُ بِالنَّصِّ الْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيَاسًا) أَيْ جَلِيًّا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ النَّقْضِ عِنْدَ مُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ وَعَزَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى إلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ أَرَادُوا بِهِ مَا هُوَ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ مِمَّا نَقْطَعُ بِهِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَإِنْ أَرَادُوا بِهِ قِيَاسًا مَظْنُونًا مَعَ كَوْنِهِ جَلِيًّا فَلَا وَجْهَ لَهُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ظَنٍّ وَظَنٍّ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِخِلَافِ اجْتِهَادِهِ إلَخْ) صَادِقٌ بِأَنْ يَتَحَقَّقَ اجْتِهَادُهُ بِالْفِعْلِ فَيَحْكُمَ بِخِلَافِ مَا أَدَّى إلَيْهِ بِتَقْلِيدٍ لِغَيْرِهِ أَوْ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خِلَافُ اجْتِهَادِهِ فَفِي اقْتِصَارِ الشَّارِحِ عَلَى الْأَوَّلِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَصِّ إمَامِهِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ إذَا تَوَلَّى مُقَلِّدٌ لِلضَّرُورَةِ فَحَكَمَ بِمَذْهَبِ غَيْرِ مُقَلَّدِهِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ لِلْمُقَلِّدِ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ بَلْ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ مُقَلَّدِهِ نُقِضَ حُكْمُهُ، وَإِنْ قُلْنَا لَهُ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ لَمْ يُنْقَضْ اهـ.

وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّ الدَّامَغَانِيَّ قَاضِيَ بَغْدَادَ الْحَنَفِيَّ سُئِلَ عَنْ حَنَفِيٍّ وَلَّى شَافِعِيًّا فَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَحْكُمَ إلَّا بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ يَصِحُّ فَإِنَّ أَبَا حَازِمٍ الْحَنَفِيَّ فِي أَيَّامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>